مقابلة هامة مع الخبير مدير التوقعات بالهيئة الوطنية للأرصاد الجوية سيدي ولد محمد الأمين

المعدن الإخباري ـ حرصا منا في موقع المعدن الإخباري على إطلاع قرائنا الكرام على كل ما يفيد ويزيد، بتحليل متوازن، ونقاش متبصر، وسعيا منا إلى إبراز أهمية معرفة الحالة العامة للرصد الجوي بالنسبة للأفراد وللمؤسسات، أجرينا مقابلة هامة وغنية بالدروس العلمية المفيدة، مع المهندس والخبير في مجال الرصد الجوي، ومدير التوقعات بالهيئة الوطنية للأرصاد الجوية، السيد سيدي ولد محمد الأمين.

نحاوره ونستجلي من خلاله ما وراء الخبر، في لقاء شامل حول تعريف قطاع الرصد الجوي، وما له من أهمية كبيرة، بالنسبة للمواطن العادي وللمؤسسات.

ـ المعدن الإخباري: السيد المدير نريد في البداية كلمة تعريفية لشخصكم الكريم؟

ـ مدير التوقعات بالهيئة الوطنية للأرصاد الجوية: بسم الله الرحمن الرحيم، الإسم سيدي ولد محمد الأمين مدير التوقعات بالهيئة الوطنية للأرصاد الجوية، أكملت تعليمي الابتدائي في أوجفت ثم الإعدادي والثانوي في أطار، حاصل على شهادة مهندس في الرصد الجوي سنة 1994م في روسيا أو ما كان يعرف بالاتحاد السفيتي سابقا.

منذ تخرجي وأنا أخدم في مجال الرصد الجوي، مراقبة الظواهر الجوية ومتابعتها وإصدار النشرات حولها.

ـ المعدن الإخباري: ما هو تعريف الأرصاد الجوية؟

ـ مدير التوقعات بالهيئة الوطنية للأرصاد الجوية: فيما يخص تعريف الأرصاد الجوية، فهو علم حديث شيئا ما مقارنة ببعض العلوم الأخرى، وهو كان في البداية يستخدم في مجال أمن الملاحة الجوية، لأن بداية استخدامه تزامنت مع الحرب العالمية الأولى والحرب العالمية الثانية، وكان له دور مهم في مجال الحرب لأن الطائرات الحربية تتأثر كثيرا بالأحوال الجوية، سواء تعلق الأمر بالرياح أو الأمطار أو الثلوج ودرجة الحرارة.

وتطور هذا العلم كثيرا في بداية نشأته، حيث تم إنشاء المنظمة العالمية للرصد الجوي 1850م التي تهدف إلى التنسيق بين مراكز الرصد الجوي في جميع دول العالم، وسميت لا حقا المنظمة العالمية للرصد الجوي.

فعلم الرصد الجوي هو العلم الذي يهتم بمتابعة جميع الظواهر المتعلقة بالغلاف الجوي من أجل حماية أرواح وممتلكات المواطنين، من خلال تزويدهم بالمعطيات الضرورية لأخذ القرار المناسب في الوقت المناسب.

المعدن الإخباري: ما هي أهمية معرفة الحالة العامة للرصد الجوي بالنسبة للمواطن؟

ـ مدير التوقعات بالهيئة الوطنية للأرصاد الجوية: معرفة الحالة العامة للرصد الجوي بالنسبة للمواطن أصبحت ذات أهمية كبيرة، لأن الرصد الجوي يهتم ويدرس ويراغب جميع المجالات المتعلقة بحياة المواطن، المناخ، الأمطار ودرجة الحرارة، الملاحة الجوية، الزراعة، الصيد البحري، التنمية الحيوانية، الصحة .. وبالتالي فإن جميع المجالات تتأثر بهذه الظواهر الجوية وعناصر المناخ ودرجة الحرارة والرطوبة، وبالتالي معرفة الحالة العامة للرصد الجوي مهمة حتى للأشخاص العاديين، لأن أي إنسان يريد أن يسافر أو يبدأ في نشاط معين، من المهم بالنسبة له أن يعرف هل ستكون هناك عواصف أو أمطار غزيرة، فعلى سبيل المثال لنفترض أن هناك من يريد أن يقوم بتسقيف منزله، فينبغي له الاطلاع على الحالة العالة للرصد الجوي حتى لا تباغته أمطار غزيرة تفسد ممتلكاته، كذلك إنسان مسافر تعرض لعاصفة قوية فإنه معرض للخطر، وعليه فإن معرفة الحالة العامة للرصد الجوي تكتسي أهمية كبيرة في جميع المجالات، الزراعة الملاحة الجوية، السياحة، التنمية الحيوانية، الصيد البحري، الصحة، حتى في مجال الصيد التقليدي، فهناك أدوات تساعد الصيادين التقليديين على معرفة المناطق التي تتواجد فيها الأسماك، فبدلا من أن يظل الصياد يبحث عن السمك بصفة عفوية، فمن الأجدى له أن يستخدم تطبيقات الرصد الجوي التي تساعده على تحديد أماكن تواجد الأسماك، وبالتالي يتمكن من ربح الوقت والمحروقات.

طبعا أهم مجال لاستخدام الرصد الجوي، هو مجال الملاحة الجوية، لأن الطائرة لا يمكن أن تقلع أو تهبط إلا وفق معطيات الرصد الجوي، وبالتالي فإن معرفة الحالة العامة مهمة إلى أقصى درجة للجميع.

ينبغي لأي إنسان أن يطلع على الحالة العامة للرصد الجوي قبل الشروع في أي نشاط أو سفر حتى يعرف ما إذا كان هناك ما يؤثر على عمله أو سفره، وبالتالي يمكن للإنسان البسيط برمجة أنشطته وفق الحالة العامة للرصد الجوي المتوقعة.

هناك أيضا معلومات تكتسي معرفتها أهمية كبيرة بالنسبة للمزارع والمنمي، هل ستكون السنة ممطرة هل ستكون غير ذلك، فإذا كانت السنة غير ممطرة مثلا فإن المزارع سيبحث عن نوع البذور التي لا تحتاج إلى فترة طويلة من المطر، أي تنضج خلال أقصر فترة ممكنة، 60 يوما مثلا، كذلك المنمي عند ما يقال له إن السنة غير ممطرة سيعطيه ذلك فرصة التخلص من بعض ماشيته حتى لا تضيع عليه، والأمثلة كثيرة في هذا المجال.

ـ المعدن الإخباري: ما هي توقعات الأمطار خلال سنة 2023؟

ـ مدير التوقعات بالهيئة الوطنية للأرصاد الجوية: توقعنا في نشراتنا السابقة أن موسم الأمطار سيبدأ مبكرا، وبالفعل حصل ما توقعناه، حيث بدأ تساقط الأمطار منذ الشهر السادس، إلا أنه سيكون هناك فائض في بعض المناطق، كما أن هناك مناطق قد تنتقل من المتوسط إلى العجز، المناطق الشمالية والوسطى نتوقع أن تشهد مجاميع مطرية هذه السنة ما بين متوسط إلى فائض، يعني أنها ستشهد معدل أمطار يميل من العادي إلى الفائض، ومعدل الأمطار تطلق على متوسط الفترة الممتدة من 1991 إلى 2020.

هناك منطقة الحوض الشرقي من المتوقع أن تشهد معدل أمطار من المتوسط إلى الفائض، أما منطقة اترارزة ولبراكنه سيكون معدل الأمطار فيهما من الفائض إلى المتوسط، وهناك منطقة تمتد من الحوض الغربي إلى الجزء الشرقي للبراكنه وجزء من لعصابه وكيدي ماغه وكوركول، هذه المنطقة نتوقع أن تكون المجاميع المطرية فيها تميل من المتوسط إلى العجز.

من مميزات هذا الموسم أنه ستكون هناك وقفات جفاف في بدايته، يعني أن الأمطار تتوقف لمدة أسبوع إلى أسبوعين فأكثر، وهو شيء غير جيد، من خصائص الموسم أيضا أنه قد ينتهي بصفة مبكرة مثلما بدأ بصفة مبكرة، يعني أن التساقطات المطرية قد تتضاءل في شهر سبتمبر عكس السنة الأخيرة التي تواصلت فيها الأمطار إلى نهاية أكتوبر، يجدر التنبيه إلى أن كل التحفظات التي ذكرنا تعود إلى أن هذه السنة تتميز بظاهرة النينو.

ـ المعدن الإخباري: ما هي ظاهرة النينو، كيف تفسرونها للقراء الكرام؟

ـ مدير التوقعات بالهيئة الوطنية للأرصاد الجوية: ظاهرة النينو هي عبارة عن ارتفاع درجة حرارة المحيط الهادي وخاصة أجزاءه الوسطى والشرقية بطريقة غير عادية، عكس ظاهرة النينا التي هي انخفاض قوي لدرجة الحرارة في نفس المنطقة المذكورة آنفا.

وتنعكس ظاهرة النينو بشكل مباشر على حركة الغلاف الجوي في العالم بأسره، وعادة ما تصاحبها انعكاسات سلبية على التساقطات المطرية في غرب أفريقيا عكس شرقها التي تكون فيه الظروف ملائمة، كما أن هذه الظاهرة ستؤدي إلى ارتفاع درجة الحرارة في مناطق عديدة من العالم،  أوروبا في الوقت الحالي تعيش ارتفاعا كبيرا في درجة الحرارة، حتى هنا في موريتانيا لاحظنا ارتفاع درجة الحرارة بشكل غير مسبوق في بعض المناطق وخاصة المناطق الشمالية، حيث بلغت درجة الحرارة 47 و 49 في تيرس زمور وآدرار، وهي درجة حرارة عالية جدا، ونتوقع بالطبع أن تكون لهذه الظاهرة انعكاسات سلبية على التساقطات المطرية في غرب أفريقيا هذه السنة.

تؤدي ظاهرة النينو عادة إلى اضطراب كبير في توزيع الأمطار، حيث تشهد بعض المناطق فيضانات عارمة، بينما تشهد مناطق أخرى تراجعا كبيرا في معدلات الأمطار، بل وحتى جفاف قوي في بعضها.

وعادة ما تشهد المناطق الشرقية من أفريقيا أمطارا قوية، في حين يتضرر غرب القارة من الجفاف.

النينو هذه السنة تسمى نينو القرن، لأن العالم لم يشهد مثلها قط، وفعلا بدأت انعكاساتها تظهر على كثير من الدول من خلال تسجيل موجات حر لا سابق لها.

وينبغي أن تتكيف الناس مع ظاهرة الحر هذه، من خلال شرب الماء وعدم التعرض للشمس الحارة عدم الخروج في أوقات الذروة، من المفيد الاستحمام الدائم وكذلك ارتداء القماش الأبيض لأنه طارد لأشعة الشمس، يعني أن القماش الأسود يجذب أشعة الشمس والأبيض يعكسها.

ـ المعدن الإخباري: ما هو تفسيركم لتأخر الأمطار هذه السنة مقارنة بالسنة الماضية؟

ـ مدير التوقعات بالهيئة الوطنية للأرصاد الجوية: فيما يخص تأخر الأمطار هذه السنة، فبالرجوع إلى السنوات قبل الماضية نلاحظ أن موسم الأمطار لا يبدأ عادة إلا من 15 يوليو، أما السنة الماضية حدثت حالة غير عادية أدت إلى مجيئ الأمطار بشكل مبكر، وهناك عدة عوامل ساعدت على هذه الظاهرة، منها ارتفاع درجة الحرارة في أوروبا الذي أدى إلى جذب الجبهة المدارية شمال بير أم أكرين في شهر يونيو بين 16 و 17 وصعدت الجبهة المدارية في هذه الفترة، وتزامن ذلك مع الموجات الشرقية، وهي موجات من السحب تتحرك من الشرق نحو الغرب، وفي هذه الفترة بالذات تحركت هذه الموجات على الكثير من مناطق الوطن و وجدوا تغذية ملائمة عن طريق الرياح الموسمية، وأدى ذلك إلى تساقطات مطرية معتبرة في الكثير من أرض الوطن، وهذه ظاهرة توفرت لها الظروف وأدت إلى تساقط الأمطار مبكرا، الشيء الذي لم يحصل هذه السنة.

الرياح الموسمية المحملة بالرطوبة غير نشطة هذه السنة، ويعود سبب ذلك إلى ظاهرة النينو في المحيط الهادي عكس ما كان عليه الحال في السنة المضية، حيث الرياح الموسمية نشطة ومبكرة والرطوبة كبيرة، ورغم كل ذلك فنحن لا نعتبر أن موسم الأمطار تأخر هذه السنة، لأن السنة الماضية لا يمكن القياس عليها لأنها حالة غير اعتيادية من ناحية التساقطات ومن ناحية بداية الموسم.

ـ المعدن الإخباري: إذا ما استثنينا السنة الماضية، فإنه من الملاحظ أن معدلات الأمطار تكون عادة أضعف في شمال موريتانيا مقارنة بجنوبها، ما هو تفسير ذلك؟ ولما انخرمت القاعدة في السنة الماضية؟

ـ مدير التوقعات بالهيئة الوطنية للأرصاد الجوية: تساقط الأمطار تابع لتحرك الجبهة المدارية، ويجدر بنا هنا أن نعرف الجبهة المدارية، وهي خط فاصل بين كتلتين من الهواء حارتين، إحداهما جافة في الشمال والأخرى رطبة في الجنوب، فالكتلة الشمالية غير ملائمة لتكون السحب عكس الكتلة الجنوبية الملائمة لتكون السحب، وتتكون الكتلة الجنوبية عادة من مناطق أ ب ج، المنطقة (أ) هي 200 كم جنوب الجبهة تتكون من مزن بدون سحب، والمنطقة (ب) تكون 400 كم جنوب الجبهة المدارية بها أمطار متوسطة، أما المنطقة (ج) تقع 600 كم جنوب الجبهة ومناسبة لتساقط أمطار غزيرة.

إذا افترضنا جدلا أن الجبهة المدارية على ولاية تكانت، ستكون هذه الولاية في المنطقة (أ) التي لا سحب فيها، وستكون أجزاء كبيرة من لعصابه والحوض الغربي في المطقة (ب) ذات الأمطار المتوسطة، ويكون أقصى جنوب الحوضين وأقصى جنوب لعصابه وأقصى جنوب كيدي ماغا في المنطقة (ج) حيث الأمطار الغزيرة، وتكون المناطق الشمالية آدرار وتيرس زمور في الكتلة الهوائية الحارة الغير ملائمة لتكون السحب.

إذا صعدت الجبهة المدارية إلى بير أم أكرين، ستكون هناك مسافة 200 كم جنوب الجبهة يعني أغلب منطقة تيرس زمور في المنطقة (أ) الغير ملائمة للسحب، ويكون آدرار وتكانت في المنطقة (ب) ذات السحب المتوسطة، ويكون جنوب تكانت والحوضين ولعصابه .. في المنطقة (ج) المناسبة لتساقطات مطرية غزيرة، وإذا تجاوزت الجبهة بير أم أكرين شمالا يكون البير في دائرة الأمطار المتوسطة، يعني 20 على 30مم، هذا هو ما جعل الأمطار أكثر هي في المناطق الجنوبية منها في المناطق الشمالية، يعني أن المناطق الجنوبية لا تخلو من أن تكون في المنطقة (ج) أو (ب) وهو ما جعلها تشهد دائما أمطارا إما غزيرة أو متوسطة على الأقل، أما المناطق الشمالية تتأرجح دائما بين (أ) و(ب) يعني أن معدل الأمطار فيها لا يتجاوز المتوسط في أحسن حالاته، هذا هو ما جعل توزيع الأمطار أكثر في الجنوب وأقل في الشمال.

الجبهة المدارية في السنة الماضية صعدت إلى المغرب وهو شيء غير عادي، وأصبح الشمال الموريتاني داخلا في منطقة 600 كم جنوبها، وبالتالي حصلت أمطار غزيرة.

طبعا هناك أمور فنية أخرى، منها أن مرتفع الضغط الجوي يكون مهيمنا على المناطق الشمالية في أغلب فصول السنة، وبالتالي تكون الظروف غير ملائمة لتكون السحب، لأن الظروف المناسبة لتكون السحب هي المنخفضات الجوية والمخفضات الحرارية.

كما أن المناطق الشمالية لا تتوفر على الغطاء النباتي ولا البرك المائية الجاذبة للسحب والمساعدة على إعادة بنيتها في حالة قدومها من مالي المجاورة مثلا، عكس المناطق الجنوبية.

كانت منطقة تكانت وآدرار في الماضي غنية بواحات النخيل والغطاء النباتي، وساعد ذلك حينها على زيادة معدلات التساقطات المطرية، وبعد سنوات الجفاف التي توالت على هذه المناطق أصبحت الظروف الجاذبة للأمطار غير متوفرة، بالإضافة إلى ارتفاع درجات الحرارة، وبالتالي تذوب المزن من شدة الحرارة وتفقد حمولتها دون أن تمطر، وهنا تبرز أهمية التشجير وأهمية الغطاء النباتي، لأن الغطاء الأخضر جاذب للسحب.

والأمر لا يخص موريتانيا وحدها، فهو ينطبق على جميع دول أفريقيا، فالأمطار تتناقص كلما ابتعد المكان من خط الاستواء، وتزداد كميتها كلما حصل القرب من خط الاستواء.

ـ المعدن الإخباري: هل من حلول علمية معينة على جذب التساقطات المطرية؟

ـ مدير التوقعات بالهيئة الوطنية للأرصاد الجوية: من بين الحلول المتبعة لجذب التساقطات المطرية ما يعرف بتقنية الأمطار الاصطناعية أو ظاهرة الاستمطار، وهي تجربة نجحت في بعض الدول، منها الإمارات ونجحت كذلك في المغرب خلال السبعينات بعد موجة جفاف شديدة، كما نجحت في سياسة السدود وزراعة الحدائق الغناء، كما أن هذه التجربة نجحت في دول أخرى مثل بوركينا فاسو ومالي.

ـ المعدن الإخباري: حسب علمكم، هل تم تجريب بعض هذه الحلول في مناطق من الوطن؟

ـ مدير التوقعات بالهيئة الوطنية للأرصاد الجوية: هنا في موريتانيا حاولنا تجربة الاستمطار مرتين وهي دائما قيد الدراسة، آخر مرة نجربها كانت من خلال مشروع أطلق عليه إسم " الغيث" وهي تجربة ممكنة النجاح، لأن هذه السحب التي تحمل بخار الماء ولا تجد الظروف الملائمة لإعطاء تساقطات مطرية، يمكن أن يتم تدخل بشري عليها عبر معالجتها بمواد كيميائية، بواسطة استخدام الطائرات أو مولدات على رؤوس الجبال، هذه المواد تسرع تكون حبيبات الثلج داخل هذه السحب وبالتالي يحصل المطر.

نحن بحاجة إلى هذه التقنية لأنه كثيرا ما تأتينا سحب قادمة من مالي أو الجزائر لا تزال في طور التشكل، ولا تجد الظروف الملائمة لجذبها، حيث انعدام الغطاء النباتي ودرجة الحرارة المرتفعة.

حقيقة جذب الأمطار مهم لكن إذا لم تكن هناك سدود فإن مياه الأمطار ستضيع، وعليه فلا بد من بناء سدود تمكن من حبس المياه للاستفادة منها في مجال التنمية، ولحماية المواطنين من خطر الفيضانات. عملية الاستمطار تعتبر حلا مهما لكنها تتطلب قدرا لا بأس به من التجهيزات من رادارات لقياس كمية الماء في السحب لمعرفة هل هي وصلت إلى المستوى المناسب للتدخل، ومولدات وطائرات مجهزة يمكن أن تحلق فوق السحب لدراسة خصائصها لأن التدخل ينبغي أن يكون مدروسا لكي يعطي نتيجة، ونؤكد دائما على أهمية التشجير، لما له من دور كبير في جذب الأمطار.

نذكر أنه خلال زيارة للرئيس السابق محمد ولد عبد العزير سنة 2011 إلى مالي، عرض عليه الرئيس المضيف خدمات شركة مالية متخصصة في مجال تقنية الاستمطار، واتصل بنا في الأرصاد وزير التجهيز والنقل حينها يحي ولد حدمين، وأخبرنا بقدوم هذه الشركة إلى موريتانيا وأمرنا بالتنسيق معها في مجال تقنية جذب الأمطار آليا، وكان هذا في نهاية الشهر التاسع يعني نهاية الموسم، قاموا بطلعات فوق مثلث الأمل لكن بدون نتيجة تذكر.

المؤكد أن هذه التقنية فعالة ونحن نحتاجها في بعض الأحيان، لأننا نلاحظ دائما مرور سحب من فوق الأراضي الموريتانية دون أن تمطر، نظرا لعدم توفر الظروف الملائمة، وعليه يكون استخدام هذه التقنية مناسبا في هذه الحالات حتى لا تضيع علينا فرصة هذه السحب، نأمل أن يتحقق مشروع الغيث ويحقق النتائج المرجوة.

ـ المعدن الإخباري: هل من كلمة أخيرة تودون توجيهها للقراء الكرام؟

ـ مدير التوقعات بالهيئة الوطنية للأرصاد الجوية: نريد هنا أن نؤكد للقراء الكرام أن مجال الرصد الجوي مجال مهم إلى أقصى درجة، وينبغي لكل فرد من المجتمع ألا يباشر العمل في أي نشاط إلا عن دراية واطلاع على الحالة العامة للرصد الجوي، الأمطار والعواصف تأتي في أي وقت و في جميع فصول السنة، وكذلك علو موج البحر، وبالتالي ينبغي لكل منا أن يطلع على الحالة العامة للرصد الجوي قبل القدوم على أي نشاط.

كما نوصي القراء الكرام بضرورة أخذ المعلومات المتعلقة بالرصد الجوي من مصادرها الموثوقة، وهي الهيئة المكلفة رسميا بمتابعة هذا المجال ودراسته وإصدار النشرات حوله بصفة مستمرة.

جميع القطاعات والمجالات يمكن أن تستفيد من التطبيقات المستخدمة في مجال توقعات الرصد الجوي، فقطاع الصحة على سبيل المثال، إذا كانت التوقعات المطرية كبيرة، يمكنه أن يأخذ الاحتياطات اللازمة تحسبا للأمراض المصاحبة في العادة للأمطار الغزيرة، أما إذا كانت التوقعات ضعيفة فعليه أن يتوقع سوء تغذية وغير ذلك، وبالتالي يعمل على كيفية التصدي لما هو محتمل من الانعكاسات السلبية للجفاف.

وكذلك المزارع والمنمي يمكنهم برمجة أنشطتهم حسب التوقعات، نفس الشيء بالنسبة للصيادين والتجار .... إلخ.

ـ المعدن الإخباري: شكرا لكم