مقابلة خاصة مع الفاعل في مجال السياحة محمد ولد الحجاج

حرصا منا في موقع المعدن الإخباري على إطلاع قرائنا الكرام على كل ما يفيد ويزيد، بتحليل متوازن، ونقاش متبصر، ومساهمة منا في التعريف بقطاع السياحة في ولاية آدرار، أجرينا مقابلة خاصة مع الفاعل في قطاع السياحة، السيد محمد ولد إسلم ولد الحجاج، نحاوره ونستجلي من خلاله ما وراء الخبر، في لقاء شامل حول ما تزخر به ولاية آدرار من ثروات سياحية كبيرة ومتنوعة، من معالم سياحة وتضاريس طبيعية جميلة، ومناظر سياحية خلابة لا ينقصها إلا التعريف بها من خلال تقديمها بالشكل المطلوب.

المعدن الإخباري: نود في البداية أن تعطي للقراء الكرام صورة شاملة عن المقدرات السياحية في ولاية آدرار؟

محمد ولد الحجاج: المقدرات السياحية لولاية آدرار هائلة جدا، لا يمكن إحصاؤها، والكثير منها لم يتم استغلاله بعد، وبالنسبة للمهتمين بالجانب التاريخي للسياحة، فهي تشمل بالإضافة إلى مدينتي شنقيط و وادان التاريخيتين، مدينة أزوكي في تيارت، وعشرات المواقع الاثرية الموجودة في عدة أماكن أخرى شاهدة على قدم الحضارة في ولاية آدرار، مثل مدينة أوجفت المطمورة تحت الرمال، ضف إلى ذلك المناظر الطبيعية الجذابة في جميع وديان الولاية، من آزويك غربا مرورا بالواد لبيظ و مطليش بتنوع ألوان رماله والمداح و واد طزنت ومعدن العرفان وتيمنيت واجويلات و وكشض وامحيرث وبلدية انتيركنت بأوديتها الجميلة، وبلدية العين الصفره المليئة بالمناظر الطبيعية الجميلة من لبحير مرورا باسباعية إلى تاكنز وإكفان والعين الصفره.

المعدن الإخباري: ما هي أهم المعالم السياحية في ولاية آدرار؟

محمد ولد الحجاج: بالنسبة لأهم المعالم السياحية في آدرار، تبدأ طبعا بالمدن التاريخية، وادان و شنقيط وآزوكي، و واحات و وديان مقاطعة أوجفت كما أسلفنا، وكلب الريشات وتنوشرت بالقرب من وادان والبيظ، وإذا توجهنا غربا نجد واحة لعكيله داخل رمال الصحراء بالقرب من شنقيط، كذلك عاتك الزركه، هناك أيضا واحة البربارة، تيربان، تيلدم وإريجي عبداوا.

المعدن الإخباري: ما هي أهم الاستثمارات في مجال السياحة في ولاية آدرار؟

محمد ولد الحجاج: فيما يتعلق بالاستثمارات أعتقد أن السياحة في الظروف الحالية غير قادرة على استعاب رأس المال الكبير، خصوصا أن أغلب السياح المتجهين إلى الولاية لا يبحثون عن الرفاهية، فهم يبحثون عن الأمور الطبيعية، وبالتالي أعتقد أن استثمارات لا تلبي حاجة واضحة للسائح تعتبر غير ضرورية.

السياح المتجهون إلى آدرار يبحثون أساسا عن الأمور التقليدية في الصحراء والأشياء التي تكتسي طابع الأصالة أكثر، ولا يبحثون عن الحداثة، وبالتالي أصبح المستثمر غير راغب في استثمار إمكانات ستكون عائداتها دون المستوى.، ضف إلى ذلك أنه كلما استثمرنا أكثر كلما ارتفعت الأسعار، ونحن في طور تنمية السياحة والتعريف بها، وعليه لا ينبغي أن نستثمر إلا ما تسمح به المرحلة.

المعدن الإخباري: ما هو تقييمك لمستوى استفادة السكان المحليين من الأنشطة السياحية في الولاية؟

محمد ولد الحجاج: نعتبر أن السكان يستفيدون استفادة كبيرة من السياحة، لكن الاستفادة الحقيقية والمهمة من السياحة تتطلب من السكان المقدرة على تقديم الخدمات الأساسية التي يحتاجها السائح، وعليه فإن مقدمي الخدمات يستفيدون على طول الموسم السياحي، مثل أصحاب وكالات تأجير السيارات، أصحاب تأجير الإبل (الجماله) وأصحاب النزل والمطاعم، كذلك صناع التجارة التقليدية والتعاونيات النسوية، هؤلاء يستفيدون استفادة مهمة، لكن مستوى استفادتهم مرتبط بمستوى جودة الخدمة المقدمة للسياح.

المعدن الإخباري: حسب تجربتك ما هي طبيعة اهتمامات السياح القادمين إلى الولاية، هل هي المناظر الطبيعية فقط، أم أن هناك اهتمامات أخرى؟

 محمد ولد الحجاج: بالنسبة إلى اهتمامات السياح القادمين إلى ولاية آدرار، فهي تنقسم إلى ثلاثة أنواع، هناك من السياح من يهتم بالتاريخ والبحوث التاريخية والآثار، وأصحابها يتوجهون عادة إلى المدن التاريخية، شنقيط و وادن و أزوكي وبعض المناطق التي توجد بها آثار قديمة ما قبل التاريخ، كالرسوم الحجرية التي توجد في عدة مناطق، منها أمكجار ولكويره قرب ترجيت، وحجرت لمروك قرب امحيرث، وفي عدة مناطق أخرى مثل أكيليت قرب تيفجار، هناك نوع آخر من السياح ينصب اهتمامه حول المناظر الطبيعية ويتوجه أساسا إلى الصحراء وركوب الإبل والسير على الرمال وتسلق الجبال, والتمتع بالمناظر الطبيعية مثل آرواجه وحدائق النخيل، أما النوع الثالث وليس كثيرا فهو هوات تسلق الجبال فقط، ويفضلون أكثر المناطق التي توجد بها جبال مرتفعة، مثل جنوب أطار والجبال المرتفعة المحيطة بترجيت، هناك نوع رابع من السياح يختص بالراليات وسباقات الرياضات الميكانيكية ويفضلون أساسا الصحاري الوعرة، ويمارسون سباق السيارات والدراجات  ...إلخ.

المعدن الإخباري: تعتبر ترجيت من أهم المعالم السياحية في ولاية آدرار، ما ذا تتميز به هذه الواحة؟

محمد ولد الحجاج: أهم مميزات واحة ترجيت هو جوها ودرجة حرارتها المعتدلة في جميع فصول السنة، ولدى ترجيت بيئة خاصة خارقة طاردة لجميع أنواع الحشرات، بما فيها الذباب والبعوض، لا يوجد فيها الذباب ولا الناموس ولا النمل.

درجة الحرارة في واحة ترجيت لا تتجاوز 28 إلى 30 درجة في موسم الصيف، وهذه هي نفس درجة الحرارة في فصل الشتاء.

توجد في واحة ترجيت بعض النباتات والأشجار الغير موجودة في شبه المنطقة، فيها على سبيل المثال أشجار التين، وتكاد تكون هي المكان الوحيد في شمال إفريقيا التي يوجد بها شجر التين.

المعدن الإخباري: أنت كفاعل في مجال السياحة، ما ذا تقترح من أجل تطوير السياحة في آدرار؟

محمد ولد الحجاج: بخصوص اقتراحي لتطوير السياحة، أعتقد أن الحكومة هي القادرة على ذلك، عندما تكون الحكومة لديها سياسة جادة لتطوير السياحة، نقترح عليها أن أهم شيء يمكن أن يساهم في الرفع من مستوى السياحة ـ وهو متاح ـ هو فتح خط دولي يربط أطار بأوروبا، وإذا وقع ذلك سنضمن تدفق السياح طيلة السنة إلى آدرار، وما دامت السياحة تعاني من مشكلة النقل الجوي لا يمكن تنمية السياحة بالدرجة المطلوبة، وهو بناء قطاع اقتصادي يستقطب ويستوعب الكثير من اليد العاملة.

الشرط الوحيد الذي يضمن انتعاش السياحة في آدرار هو فتح هذا الخط المباشر، من باريزـ أطار مباشرة على سبيل المثال، عندما تكون هناك رحلة موريتانية أو الخطوط الافريقية تمر بمطار أطار مرتين في الأسبوع مثلا ذهابا وإيابا، ستكون بوابة لفتح مجال السياحة.

هناك اقتراح آخر وسبق لي أن قلته للوزير المعني، يتعلق بالبنية الإدارية لقطاع السياحة، ما دامت السياحة تنحصر في إدارة تحت وصاية وزارة التجارة لن يتطور القطاع، ولن يتسن تشخيص أمراضه، وهنا نقترح على الحكومة أخذ هذا المقترح بعين الاعتبار، و أن تنشئ جهازا إداريا خاصا بالسياحة، سواء كان وزارة أو مندوبية، يهتم هذا الجهاز الإداري المستقل بالسياحة ويدرس مشاكل السياحة ويواكب الفاعلين في مجال السياحة من أجل تطويرها، وإذا تم تطوير قطاع السياحة سيكون في اعتقادي قطاعا مهما مثل قطاع المعادن والتنقيب عن الذهب وقطاع الصيد البحري وسيستقطب من اليد العاملة مثلما تستقطب هذه القطاعات.

المعدن الإخباري: من وجهة نظرك، لما ذا لم تستفد البلديات من السياح الذين يمرون بحوزتهم الترابية؟

محمد ولد الحجاج: السياحة تنبني على بعض الخدمات، إذا كانت البلدية توفر بعض البنى التحتية يمكن أن تستفيد من الأنشطة السياحية، أما إذا كانت البلديات لا تتوفر على هذه الخدمات فلا يمكنها تحقيق الاستفادة المرجوة.

المعدن الإخباري: هل من كلمة أخيرة؟

محمد ولد الحجاج: أشكر المعدن الإخباري على اهتمامه بالقضايا المحلية، وخاصة قطاع السياحة، وأقترح على الوزارة الوصية أن تهتم بالتعريف بالمناطق السياحية في الشمال، ويبدأ التعريف بها بدعم وسائل الإعلام المهتمة بقطاع السياحة، وتعمل على تنظيم رحلات إعلامية استكشافية لتسليط الضوء على هذه المناطق والتعريف بها، حتى يتمكن المواطنون والأجانب من الاطلاع عليها، ومن هنا يمكن للسائح أن يحدد خياراته وأين سيتجه.

عندما تتوفر معلومات واضحة عن الأماكن السياحية عن طريق وسائل الإعلام، سيكون من السهل ترتيب رحلات سياحية واضحة، وخاصة السياحة الداخلية، فالسياحة الداخلية بإمكانها استغلال جميع الأماكن السياحية لكن ذلك مشروط بالتعريف بها.