كيف ستلعب موريتانيا أوراقها كقنطرة وصل بين جاراتها المغاربية والإفريقية؟

القدس العربي/  تفككت مجموعة دول الساحل، وطُردت فرنسا، الشريك الأبرز، من المنطقة، وانفجرت أزمة ديبلوماسية بين الجارتين الجزائر ومالي، واندفع المغرب في تنسيق ولوجية بلدان الساحل إلى الواجهة الأطلسية عبر ميناء الداخله، وغابت موريتانيا، همزة الوصل، وحضر شركاء الأمس؛ مالي وتشاد وبوركينافاسو والنيجر، في حوار الولوج لواجهة الأطلسي، واشتد، بالتوازي مع ذلك، التجاذب حدةً، بين الجزائر والمغرب، الجارتين الكبيرتين.

كل هذا حدث دفعة واحدة، ليجعل أمام ديبلوماسية موريتانيا، ذات الموقع الإستراتيجي الذي لا يمكن تجازوه في أي تواصل بين شمال إفريقيا وغربها، كثيراً من الانشغالات، وليضع على مغرفتها “خبزاً كثيراً”، كما يقول المثل الفرنسي.

 فكيف ستتعامل موريتانيا، إذن، مع هذه الملفات الحساسة المفتوحة، وكيف ستتعامل مع مساعي المغرب لجذب بلدان الساحل لفردوس واجهته الأطلسية؟ وكيف ستلعب موريتانيا في خضم هذا كله ورقتها الرابحة المتمثلة في كونها الجسر الذي لا يمكن للمغرب ولا للجزائر، إلا عبره، الوصول للساحل ولأسواق دول غرب إفريقيا؟

 الفوري لدراسة معمقة، تحضيراً لإنشاء منطقة تبادل حر بين الجزائر وموريتانيا”.

الفراغ والتقاعس
وفي تصريحات أخرى، أوضح الإعلامي الموريتاني أحمد سالم سيدي عبد الله،  المتابع لقضايا منطقة الساحل لـ “القدس العربي”، “أن منطقة دول الساحل الخمس تعيش فراغاً كبيراً في ظل التقاعس الملاحظ للدبلوماسية الموريتانية خلال السنوات الأخيرة، أو لنقل بشكل أدق تخلّيها، ربما طواعية، أو مجاملة لفرنسا، عن دورها القيادي في المنطقة، والذي تصدّت له، منذ 2014، عبر تشكيل إطار إستراتيجي له أبعاده التنموية والأمنية”.

ويضيف أحمد سالم: “هذا الفراغ انتبهت له دولٌ وازنة في الإقليم، كالمغرب والجزائر، وللتذكير؛ فإن الأخيرة سعت، بالإضافة إلى السنغال، للالتحاق بمجموعة دول الساحل الخمس بعد تأسيسها، لكن الرئيس الموريتاني السابق محمد ولد عبد العزيز رَفَضَ انضمام البلدين للمجموعة، متمسكاً بالدور القيادي الموريتاني لها”.

رفض لريادة الجزائر
وقال: “سعت الجزائر، منذ الانقلابات العسكرية التي عرفتها دول المجموعة، والتي فاقمت الأزمة الدبلوماسية بين هذه البلدان وباريس، إلى لعب دور ريادي، لكنها اصطدمت بواقع معقد له أبعاد إثنية وعرقية تجعل دول المنطقة في حذر دائم من أي دور ريادي للجزائر إقليمياً،

وقد تفاقمت الأزمة الدبلوماسية بين الجزائر وباماكو بعد استقبال الجزائر لعدد من رموز المعارضة في جمهورية مالي، وهو ما فتح الباب واسعاً أمام المملكة المغربية للبحث عن دور ريادي في دول المنطقة عبر مبادرة مراكش، لكن هذه المبادرة، التي تهدف إلى فتح واجهة المحيط الأطلسي أمام دول الساحل المعزولة، مالي بوركينا فاسو النيجر، “تواجه تحديات جغرافية، حيث ستحتاج المملكة للعب أي دور إلى ممر بري يربطها بهذه الدول، وليس أمامها على الأرجح إلا موريتانيا”.

استفاقة حكومة نواكشوط
وزاد الإعلامي أحمد سالم: “أعتقد أنه إذا استفاق النظام الموريتاني، وسعى لاستعادة مكانة موريتانيا إقليمياً، وبادَرَ لحلّ مشاكل دول المجموعة، فسيكون لموريتانيا دورٌ أبرز في إتاحة فرص أكثر واقعية أمام دول المجموعة للولوج إلى بوابة المحيط، التي تعدّ الشغل الشاغل الآن للأنظمة العسكرية الممسكة بزمام الأمور في بلدان المجموعة، والتي تواجه عزلة من طرف المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا “إيكواس”، خاصة أن ميناء نواكشوط يعدّ اليوم منفذاً رئيساً للبضائع نحو جمهورية مالي، وفي ظل وجود عدة موانئ حديثة في موريتانيا كميناءي انجاكو وتانيت، يمكن لموريتانيا أن تتيح لبلدان المجموعة الولوج إلى المحيط الأطلسي.

ويختم أحمد سالم بالقول: “وبالنسبة لي، أرى أن المغرب يسعى لسدّ فراغ إقليمي حاصل في المنطقة الساحلية، التي تشهد تنافساً من نوع آخر، أبرز الفاعلين فيه روسيا والولايات المتحدة، وتركيا وإيران”.