المعدن الإخباري ـ عرفت موريتانيا حركة نزوح واسعة من الريف إلى المدن، منذ نهاية سبعينيات القرن الماضي، بسبب موجة الجفاف التي ضربت البلاد وأدت إلى تدمير الثروة الحيوانية التي كانت تعتمد عليها الغالبية العظمى من الموريتانيين في القرى. فقد أتى الجفاف على المحاصيل الزراعية، ما دفع بالمواطنين إلى التوجه نحو المدن الكبرى بحثاً عن وسيلة عيش بديلة لمواجهة شبح المجاعة.
أدت هذه الهجرة من البادية إلى المدينة ومن الولايات الداخلية إلى العاصمة نواكشوط، إلى تزايد الضغط على الخدمات الأساسية المحدودة أصلاً، كالسكن والمياه والكهرباء ووسائل المواصلات، وأدت كذلك إلى توسّع عمراني وُصف من قبل المتخصصين بـ"غير المدروس". وهو ما أوصل إلى نمو ظاهرة الأحياء العشوائية المعروفة محلياً بـ"الكزرة"، وأصبحت هذه الأحياء الفقيرة والهامشية والفاقدة لأبسط الخدمات أكبر تحدٍ تنموي يواجه العاصمة نواكشوط.
جهود رسمية
وقد حاولت السلطات الموريتانية مواجهة هذه المؤشرات بمجموعة من الإجراءات والتدابير، على رأسها القيام بحملة واسعة لتوزيع الأراضي وتوفير بعض الخدمات للعديد من أحياء الصفيح، وفي ظل استمرار التكدس السكاني والنمو الديمغرافي السريع وتواصل ظاهرة النزوح إلى المدن، أصبح من اللازم القضاء بشكل نهائي على العشوائيات حول كبريات المدن، وتوفير الخدمات الأساسية قادرة على الاستجابة لما تتطلبه الوضعية، خصوصا في مجال السكن وبناء المدارس وترميمها وتوسعتها من أجل رفع طاقتها الاستيعابية.
يتطلب هذا الوضع إعداد استراتيجية وطنية للإسكان تعمل على تمكين المواطنين خصوصا الفئات الاجتماعية ذات الدخل المحدود من الولوج إلى سكن لائق والعمل على كبح التمدد الافقي السريع الذي تعاني منه المدن والذي يسبب ضغطا كبيرا على القطاعات الحكومية الخدمية كالمياه والكهرباء والصحة والتعليم والطرق، وتدفع إلى الاستغلال المعقلن للموارد العمومية وتدفع إلى تحسين النمو العمراني بما يتماشى ومتطلبات العصر وتعيد الاهتمام بمشاريع السكن الاجتماعي.
قطاع الإسكان في ظل حكم الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني
وفي خضم البحث الدائب عن حلول ناجعة ومقاربات مدروسة ينتهجها قطاع الإسكان من اجل وضع الحلول المناسبة لهذه المشاكل، وصل الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني إلى قيادة البلاد، وجعل إصلاح قطاع الإسكان والعمران والاستصلاح الترابي والنهوض به على رأس أولوياته.
وضمن الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني برنامجه الموسع "تعهداتي" إصلاح قطاع الإسكان والعمران والاستصلاح الترابي حتى يواكب النهضة العمرانية والمدرسة الجمهورية التي شكلت حجر الزاوية في برنامجه الطموح "تعهداتي".
شهد قطاع الإسكان نهضة وحيوية مشهودة تجلت في تكثيف الإنجازات في جميع مكونات القطاع، مدفوعة بتوجيهات دائمة من رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني، وبإشراف من الوزر الأول محمد ولد بلال ووزير الإسكان والعمران والاستصلاح الترابي سيد أحمد ولد محمد، وطاقمه المتميز، وخاصة مدير المباني والتجهيزات العمومية المهندس إبراهيم ولد اسقير الذي شكل تعيينه على رأس أكبر إدارات الوزارة رافعة قوية مكنت من تنفيذ عديد المشاريع المتعثرة بفضل ما يتميز به الرجل من حسن المتابعة ودقة الرقابة.
وقد أشرف رئيس الجمهورية نفسه خلال السنوات الثلاث الأولى من حكمه على تدشين الكثير من المنشآت ووضع حجر الأساس لأخرى في مجالات متعددة، منها المنشآت التعليمية والتجارية والصناعية والثقافية، كدليل "على الوفاء ببرنامجه الانتخابي "تعهداتي"، ذلك البرنامج الذي يتجسد على أرض الواقع، يوما بعد آخر، من طرف حكومة معالي الوزير الأول السيد محمد ولد بلال". حسب تصريح لوزير الإسكان في أحد مناسبات التدشين بإشراف من رئيس الجمهورية.
وأوضح الوزير، في خطاب له أمام رئيس الجمهورية بمناسبة وضح حجر الأساس للمركب الجامعي، 03 يناير 2023 أن الكثير من المنشآت تم تدشينها و "دخلت الخدمةَ العمومية رسميا، وتمثل دليلا متجسدا على شكل بناء باقٍ للأجيال، ستظل تذكره وتذكر من بناه، وفاء وعرفانا بالجميل لصاحب الشأن والقرار، صاحب الفخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني".
وتابع معالي الوزير قائلا إن عددا كبيرا من المدارس تم وضع حجرها الأساس من طرف فخامة رئيس الجمهورية "ستدخل الخدمة كلُها قبل بدء العام الدراسي المقبل بحول الله، وستوفر مقاعد دراسية لــ 16 ألف تلميذ في المرحلة الابتدائية".
ولفت الوزير إلى أن المدرسة الجمهورية قرار تاريخي بكل المقاييس، "سيكونُ له ما بعده، وستكونُ للتاريخ كلمتُه فيه، ولا يساورني أدنى شكٍ في أنها ستكون كلمةً حاسمةً، بكونها القرار الذي عزز لُحمة شعبٍ في زمن التحديات الكبرى، وقوى أواصر المشترك، قيمًا وأخلاقًا ومعرفةً".
وخلال خطاب له بمناسبة تدشين خمسين مدرسة مكتملة، نهاية 2022 قدم الوزير حصيلة عمل القطاع في مجال البنى التحتية المدرسية قائلا: إن "قطاع الإسكان أنجز خلال الأعوام الثلاثة الماضية 1400 فصلٍ دراسي جديد، وينجز الآن نحو 900 أخرى، ويطلق الأشغال قريبا في أزيد من 800 فصل دراسي جديد. وبذلك نكون قد وفرنا حتى الآن مقاعد دراسية لحولي 88 ألف تلميذ في مختف مراحل التعليم، وبحلول أول يوم دراسي من الافتتاح القادم 2023 – 2024 سنكون قد وفرنا مقاعد دراسية لنحو 210 آلاف تلميذ موريتاني. وبذلك نكون قد طبقنا حرفيا ما ورد في برنامج "تعهداتي" في هذا المجال".
وأوضح الوزير أن: "تلك المنجزات تمت في ظروف غاية في التعقيد؛ شركاتُ مقاولة بتجارِبَ متواضعة، وباستعداد محدود للعمل، ومع ذلك، فقد تغير الحال كثيرا وفي وقت وجيز، بفضل تطبيق الرؤية التي الزمتمونا بها صاحب الفخامة، وقضت، بوضوحٍ وصرامةٍ، بفسخ أي عقود خارج الآجال ومعالجة أي تقصير في التزام بالمعايير".
وأعلن الوزير انتهاء الأشغال أو تقدمها" في جميع المشاريع المتعثرة على مستوى قطاع الإسكان والعمران والاستصلاح الترابي، بعضها راوح التعثر أزيد من عقد من الزمان"، وذلك التزاما بتعليمات رئيس الجمهورية".
وكان للرقابة الصارمة والمتابعة الجيدة دور مهم في تحسن مستوى تنفيذ المشاريع التي يشرف قطاع الإسكان على تنفيذها، وخاصة ما تم إنجازه في مجال المباني، التي شملت المدارس في الكثير من أنحاء الوطن، والمجالس الجهوية والسفارات والمراكز التجارية والقرى الصناعية والساحات العمومية .. إلخ.
وحسب تقرير الحكومة المتضمن لحصيلة عملها لسنة 2022 وآفاقه لسنة 2023 فإن الهدف الرئيسي في مجال الاستصلاح الترابي والعمران هو ضمان التنمية المتوازنة بين مناطقنا ومراكزنا الحضرية، بغية توفير سكن لائق وخدمات جيدة للسكان، ولبلوغ هذا الهدف، تم تعزيز الشبكة الجيولوجية، ووضع دلائل بأسماء المواقع بالنسبة لمدينة نواكشوط، وولايات البراكنة وكوركل وكيديماغا.
وستشهد السنة الجارية إعداد وثيقة للسياسة الوطنية في مجال الاستصلاح الترابي، واستكمال استراتيجية تأطير التقري، وإعداد الأدلة المنهجية والدورات في مجال الاستصلاح الترابي، وسيبذل جهد خاص لوضع الخرائط الأساسية والخرائط الموضوعية وكذلك مخططات السجل، وفق التقرير.
وأوضح التقرير أنه فيما يتعلق بتجميع البلدات، تواصلت أشغال بناء المرافق العمومية "لتجمع بقله بالقرب من عدل بكرو". وستجرى دراسات أولية لتجمعات أخرى: أمات لعكاريش بالقرب من النعمة، وسيليوه بالقرب من امبود، والسالم غير بعيد من أطار، واجريكاية بالقرب من باركيول وتتمثل الأهداف المنشودة في مجال العمران في بناء مدن منتجة تتوفر على جميع المتطلبات التي يحتاجها سكانها، وتضمن فرص الدمج المهني للشباب والنساء ضمن بيئة مناسبة وآمنة.
ويضيف التقرير أن جهود الحكومة خلال السنة الماضية، تركزت على إعداد مخططات تقطيع ستكون بمثابة مرجعية لتوسع مدننا الكبرى، وفي هذا الصدد، تم استكمال العديد من مخططات التقطيع والمصادقة عليها، وخصوصا في بعض مناطق مدينة نواكشوط، كمقاطعة تيارت، لوضع حد للنزاعات الناجمة عن ازدواجية الملكية في هذا الجزء من العاصمة؛ وسيتم إنجاز المخططات العمرانية المحلية لبقية مقاطعات نواكشوط خلال هذه السنة، وقد تمت تغطية المدن والبلدات التالية بمخططات تقطيع: لعيون، تمبدغه، جيكني، تامشكط، لكصيبه 1 ،اركيز، كوندي وانتيكان، كما تم وضع استراتيجية عقارية وبدأ العمل في التأمين الوثائقي والرقمي للعقارات. وستشهد هذه السنة مواصلة هذا المجهود في كل من مدن أطار والنعمة وكيهيدي وكيفه وروصو وتجكجة وسيلبابي، بهدف تغطية جميع عواصم الولايات بمخططات توجيهية عمرانية في أفق 2025.
كما لفت التقرير إلى أن إعادة الهيكلة الحضرية تهدف إلى القضاء على ظاهرة الاحتلال غير المشروع للأراضي وتحسين الظروف المعيشية في المناطق المحاذية للمدن الكبرى. وهكذا، تم ترحيل وإيواء 1970 أسرة كانت تحتل ساحات عمومية في تفرغ زينة ولكصر وأخرى قادمة من حي الورف، إلى مناطق مستصلحة ومزودة بالخدمات الأساسية في مقاطعات الميناء والرياض وتوجنين.
وسعيا منها لحل نهائي للمشاكل المتعلقة بالأحياء العشوائية في نواكشوط، وإيواء الأسر المحتاجة التي ما تزال تحتل بعض الجيوب المتبقية، شرعت وزارة الإسكان في تهيئة منطقة تبلغ مساحتها 450 هكتارا في القطاع 22 من توجنين، مما سيوفر ما يقارب 13.500قطعة أرضية مستصلحة، وتكملة لذلك تمكنت الحكومة من معالجة 14.000ملف نزاع، كما تم تصحيح وثائق ملكية لصالح 35.000 أسرة. ومن أجل استكمال عملية التمكن من الملكية العقارية في الميناء ستحصل 16.000 أسرة قريبًا على سندات الملكية النهائية، وفق التقرير الحكومي.
حصيلة شهر مارس 2023
سنتطرق في هذا التقرير إلى حصيلة الشهر الأخير من عمل وزارة الإسكان، كدليل عملي حتى يتضح أكثر وبشكل أوضح مدى قدرة القائمين على القطاع على تنفيذ تعهدات رئيس الجمهورية وتجسيدها واقعا ملموسا من خلال إنجازات موجودة مشهودة ستظل الأجيال تذكرها وتذكر من بناها.
أعلنت وزارة الإسكان والعمران والاستصلاح الترابي عن حصيلة عملها في شهر مارس 2023، قائلة إنها واصلت تنفيذ تعهدات رئيس الجمهورية، في مجال تدخلها.
الوزارة صنفت تدخلاتها إلى:
أولا: في مجال المباني والتجهيزات العمومية
شهد شهر مارس 2023 انتهاء الأشغال في عديد المشاريع، فيما تتقدم الأشغال بوتيرة متسارعة في جميع ورش الأشغال بأنحاء الجمهورية، وسط متابعة دائمة من طرف معالي الوزير وطاقمه، وخاصة المهندسين الذين يتولون الإشراف المباشر على الأشغال وتقديم التقارير الدورية لضبط أي تقصير أو إخلال بالالتزامات. وفيما يلي نقدم لكم الأشغال المنجزة خلال هذا الشهر:
- ساحة تفرغ زينه
- ساحة وجاهة ولد أمم في الرياض
- مسجد بعرفات
- إعدادية كوندي في انتيكان
- مدرسة أكجرت في لعيون
- مدرسة الميناء في لعيون
- مدرسة احسي الطين في بومديد
- مدرسة ابتدائية في غابو
- مدرسة ابتدائية في ألاك
وفي مجال تجميع البلدات ومحاربة التقري العشوائي؛ أنهت خلية البرنامج الوطني لتجميع البلدات بديوان معالي الوزير، الأشغال في 15 سكنا لموظفي الدولة موزعة على التجمعات التالية:
- 5 مساكن في تجمع ماقه
- 5 مساكن في تجمع بلحراث
- 5 مساكن في تجمع ترمسه
ثانيا: في مجال الإسكان العمران
تمكنت المفتشية العامة الداخلية، في إطار مهامها، من معالجة 12 ملف نزاع عقاري، أحيلت إليها من طرف معالي الوزير لدراستها واقتراح الحلول المناسبة، سعيا لوضع حد للنزاع العقاري المرتبط بالمخططات العمرانية.
من جهة أخرى؛ أنهت مديرية العمليات الحضرية بالوزارة العمل الفني الخاص بالمخطط العمراني لمدينة كيفة، عاصمة ولاية لعصابه، كما بدأت مصالح الإدارة العمل على إعداد مخطط توسعة مدينة جول، تنفيذا لتعهدات فخامة رئيس الجمهورية.
كما تمكنت المديرية من نزع التشفير عن 1017 قطعة أرضية بنواكشوط، وعالجت 40 ملفا، وأعدت 17 مذكرة فنية، و5 مقترحات قطع أرضية لصالح قطاعات حكومية.
وخلال هذا الشهر أطلقت الوزارة بالتعاون مع وزارة الداخلية واللامركزية العمل في تنفيذ المخطط العمراني الجديد لمدن النعمة ولعيون، وقد تمكنت الفرق الفنية من فتح 40 كلم من الشوارع الرئيسية والفرعية بمدينة لعيون، تحت إشراف السلطات الإدارية وبإسناد فني من القطاع.
وفي مجال الرقابة الحضرية سجلت فرقها 17 مخالفة تتعلق بمحاولة البناء دون الحصول على إذن مسبق أو استغلال المجال العمومي، جميعها في نواكشوط الغربية، كما أجرت 55 معاينة ميدانية، موزعة على مقاطعات تفرغ زينه ولكصر وتيارت وتوجنين ودار النعيم.
كما تلقت مصالح وكالة التنمية الحضرية خلال شهر مارس 2023؛ ما مجموعه 176 تظلما، تمت معالجة 144 منها، والباقي قيد المعالجة الفنية. كما أجرت فرق الوكالة 212 معاينة ميدانية في مقاطعات دار النعيم وعرفات والميناء وتوجنين والرياض من أجل حل مشاكل المواطنين. وأصدرت مصالح الوكالة خلال مارس 327 وثيقة منح مؤقت (بادج) منها 61 طبق الأصل، وتتعلق هذه الوثائق بتسوية وضعية الأسر القاطنة، والتعويض للمرحلين والتصحيحات.