موريتانيا: السلطات تنجح في إنقاذ الطفل “شبُّو” من السيول الجارفة في بومديد

المعدن الإخباري ـ على مدى أكثر من 20 ساعة، تابعُ الموريتانيون قصة الطفل العالق في سد تغمره السيول، منذ الساعة العاشرة من صباح يوم السبت، فيما فشلت جهود متعددة لإنقاذه، رغم تدخل فرقة من الدرك وأخرى من الأمن المدني، قبل أن تتمكن مروحية تابعة للطيران العسكري من إنقاذه.

بدأت قصة الطفل في الساعات الأولى من صباح يوم أمس السبت، حين توجه رفقة مجموعة من أصدقائه إلى سد بومديد، حيث تعودوا على السباحة في مياه السد حين يكون مستواها منخفضًا، فيصعدون على أساطين كاسر السيل، ويقفزون في المياه المتجمعة داخل السد.

يًقبل الأطفال في بومديد، التي تبعد أكثر من سبعمائة كيلومتر إلى الشرق من العاصمة نواكشوط، على السباحة في السد خلال موسم الأمطار، كوسيلة للترفيه في المنطقة التي تغيب عنها السيول في أغلب أشهر العام، وربما تغيب لعدة أعوام.

وبينما كان الطفل يسبح في السد، باغتته السيول القادمة من هضبة تكانت المجاورة، فالأمطار التي تتساقط في أعالي الهضبة تتسبب في سيول متفرقة يتجمع أغلبها أسفل الهضبة، في مناطق من أشهرها وادي بومديد.

وتعد منطقة بومديد من أشهر المناطق الزراعية في وسط موريتانيا، ما دفع السلطات إلى تشييد سد فيها عام 2000، يساهم في ترشيد المياه، وتغذية مئات المزارع المترامية على أطراف الوادي.

ولكن السد الذي كان شريان حياة المدينة لأكثر من عقدين من الزمن، أصبح اليوم مسرحًا لقصة طفل يجلسُ مستسلمًا على أسطوانة من الخرسانة، تحيط به السيول الجارفة، لا يرتدي سوى سروال قصير، ولم يأكل أو يشرب لأكثر من 12 ساعة متواصلة، فيما يرتعش جسده الصغير على وقع الرياح الهادرة فوق السيل القادم من أعالي الهضبة.

يدعى الطفلُ محمد أحمد ولد محمد ولد الهادي، ويلقب من طرف عائلته وأقرانه بـ (شبُّو)، ويبلغُ من العمر 11 عامًا، ينحدر من أسرة متوسطة في بومديد، كانت شاهدة على محنته، فيما كان والده يستخدم مكبر صوتٍ لينادي عليه بعد أن حلَّ الظلام: “شبُّو لا تستلم للنوم، نحن قادمون إليك”.

نداءات الأب المتمسك بالأملِ، ولهفة الأم الواقفة غير بعيد، ووجوه سكان المدينة المنكسرة، كان يتناقلها الموريتانيون في مقاطع فيديو قصيرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فالمحنة التي يعيشها “شبُّو” أصبحت تعني كل موريتاني.

وحده “شبُّو” كان يجلس مستسلمًا لقدره، كان في البداية يتفاعلُ مع أهالي المدينة المتجمهرين على جانبي الوادي، ولكنه مع مرور الوقت أصبح يكتفي بالمتابعة دون أي تفاعل.. وينتظر!

وقد أصدرت وزارة الدفاع الموريتانية بيانا حول إنقاذ الطفل "شبو" هذا نصه:

 تنفيذا لتعليمات سامية من فخامة رئيس الجمهورية، باشرت منذ يوم أمس خلية أزمة مشتركة  بين وزارة الدفاع الوطني ووزارة الداخلية واللامركزية، جهود إنقاذ الطفل محمد احمد ولد محمد، الذي كان عالقا منذ يوم أمس في سد في بومديد  جراء السيول.
 وقد تكللت هذه الجهود، بفضل من الله وقوته بالنجاح صباح اليوم، بعد أن تمكنت فرق من الجيش الجوي والبحرية الوطنية والمندوبية العامة للأمن المدني ومكافحة الكوارث، من إنقاذ الطفل وإخراجه من السد حيا معافى. 
وشاركت في عملية الإنقاذ حوامة تحمل على متنها فريق إنقاذ متخصص وطائرة استطلاع عسكرية، تكفلت بتحسيس الساكنة المحلية بالشروع في تنفيذ العملية، من خلال مناشير تفيد  بذلك.
 وكان نجاح هذه العملية ثمرة إعداد وتنسيق ومتابعة على مدار الساعة، للجهود المبذولة من طرف الجهات المعنية بعملية الإنقاذ.