المعدن الإخباري ـ بعد عدة سنوات عجاف، ضرب خلالهن الجفاف واحات آدرار، دون أن تجدي زيارات المسؤولين الرسميين نفعا يخفف من وطأة الجفاف على هذه الواحات، جاءت زيارة وزير الزراعة السيد آدم بوكر سوكو، التي بدأها يوم الخميس 09/06/2022، وشملت عددا كبيرا من الواحات في مختلف بلديات الولاية.
غير أن زيارات وزراء الزراعة لولاية آدرار، وإن اختلفت وتعددت باختلاف وتعدد الوزراء، فإنها تتفق في عدم الوفاء بالتعهدات والعجز عن الوصول إلى أبسط الحلول ولو جزئيا من أجل إنقاذ الثروة الواحاتية في آدرار، مما أدى إلى فقدان آلاف النخيل، بسبب النقص الحاد في المياه وملوحة ما هو موجود منها.
ومع أن كثيرين يرون أن حفظ الموجود أولى من طلب المفقود، إلا أن وزارة الزراعة أنشأت عدة واحات وصفتها بالنموذجية في أماكن مختلفة من الولاية، لكن البعض لا يراها حلا لمشكلة عطش النخيل في آدرار، ولا بديلا عن الواحات المجاورة لبساتين السكان، والتي كانت أولى بالتدخل من أجل تلافيها من خلال توفير الماء والدواء.
وفي خضم البحث الدائب عن حلول مناسبة لما يعانيه الاقتصاد الواحاتي والزراعي بشكل عام في ولاية آدرار، جاء وزير الزراعة آدما بوكار سوكو إلى الولاية، وباشر وعاين مشاكلها بنفسه، وصرح أمام سلطات الولاية ومنتخبيها ومزارعيها أن قطاعه عاكف على تنفيذ برنامج استعجالي لإنقاذ الواحات القديمة بولاية آدرار من خلال توفير المياه بالتعاون مع شركائه في التنمية.
وأكد الوزير خلال اجتماع عقده في مدينة أطار مع المزارعين والفاعلين في المجال الزراعي، أن القطاع يعول على مزارعي آدرار في دعم الاستراتيجية الجديدة للقطاع الساعية إلى إحداث نقلة نوعية في الزراعة سبيلا لتحقيق الاكتفاء الذاتي، مذكرا أن القطاع باشر مؤخرا تنظيم ورشة للتخطيط لإنجاح الحملة الزراعية لموسم 2023/2022.
وأضاف الوزير أن الوزارة تبذل جهودا كبيرة من أجل تجاوز المصاعب التي تعاني منها بعض واحات ولاية آدرار والناجمة عن النقص الحاد في المياه، مؤكدا في هذا السياق أن القطاع يباشر عن طريق برنامج تنمية وتطوير الواحات، عمليات التنقيب في عدد من مناطق الواحات المتضررة بهدف الحصول على مصدر للمياه الجوفية.
واستمع الوزير خلال اجتماعه بالمنتخبين المحليين والمزارعين والفاعلين بالولاية، إلى مداخلاتهم التي طرحوا خلالها مختلف المصاعب والعقبات التي تعترض الزراعة في الولاية، ومن أبرزها مشكلة نقص المياه، إضافة إلى مصاعب نقل وتسويق المنتوج المحلي من الخضروات.
وقال وزير الزراعة آدم بوكر سوكو، إن قطاعه يعكف على تنفيذ برنامج استعجالي لإنقاذ الواحات القديمة بولاية آدرار، من خلال حفر 60 بئرا ارتوازيا في واحتي واد سكليل وامحيرث، وذلك بهدف توفير السقاية لأكثر من 150 ألف نخلة.
وأضاف الوزير خلال حديث مع المزراعين في مدينة أطار أن هذا البرنامج سينفذ عبر تخصيص جزء من تمويل برنامج إقامة الحقول الجديدة لسقاية الواحات القديمة من أجل المحافظة عليها.
وأكد سوكو مضي وزارته في استغلال الحقول والجيوب المائية من أجل ري واحات آدرار، ريثما تتوفر حلول جذرية لتزويد المناطق الشمالية بالمياه مع وجود آمال في اكتشاف كميات مهمة تمكن من تغطية بعض الاحتياجات من مياه الري خاصة بعد الاكتشافات الأخيرة بمنطقة وادان والطواز.
كما وعد الوزير بالعمل على بناء المزيد من السدود والحواجز المائية على امتداد الوديان من أجل إعادة تغذية البحيرات الجوفية.
وذكر الوزير بأن الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني وضع ضمن فعاليات مهرجان مدائن التراث حجر أساس بناء سدين كبيرين قيد الإنجاز في وادان، مع استحداث سبعة حواجز مائية على طول الحوض الساكب للمدينة بتمويل ذاتي على نفقة الدولة الموريتانية، وذلك من أجل تطوير شعبة النخيل والمحافظة عليها.
وشدد الوزير آدم بوكار سوكو على أن الحكومة لن تألو أي جهد لحفر مئات الآبار الأنبوبية الإضافية لري الواحات المتضررة، مع الأخذ بعين الاعتبار لمشكلة المياه في الواحات ضمن عمل الورشة الوطنية للتخطيط للحملة الزراعية 2022_2023.
ولفت الوزير إلى أن الحكومة قامت بالتعاون مع شركائها في التنمية بتمويل برنامج تطوير وتنمية الواحات بهدف إنشاء واحات تعتمد على الاستغلال المستديم للمياه الجوفية العميقة مع تطبيق واحترام المعايير الفنية لزراعة النخيل سبيلا إلى زيادة وتحسين الإنتاج وزيادة منسوب البحيرات الجوفية السطحية والحفاظ عليها، خاصة بالأحواض الساكبة، وكذا ضمان ولوج الفئات الهشة، لأول مرة، للملكية العقارية للأراضي الزراعية، حسب تعبيره.
وقال وزير الزراعة إن قطاعه أنشأ مختبرا لأمراض النخيل والتقنيات الحيوية لزراعة الأنسجة لتوفير كميات كبيرة من الفسائل الجيدة، وذلك من أجل تنفيذ هذا البرنامج الطموح، كما تم بناء شركة تمور موريتانيا لمعالجة وحفظ وتخزين وتسويق التمور والخضروات، مضيفا أن قطاعه قام بإنشاء واحات نموذجية جديدة تخضع للمعايير الفنية المتعارف عليها في زراعة النخيل، مما سيمكن من زيادة الإنتاجية ويعزز جودتها مقارنة مع المردودية المتدنية للواحات القديمة، على حد وصفه.
وأكد سوكو للمزارعين تعويل القطاع عليهم في دعم الديناميكية الجديدة للقطاع الرامية إلى إحداث نقلة نوعية سبيلا إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي من هذه المادة الحيوية، خصوصا أن الولاية تحتوي على نسبة 40% من النخيل الموريتاني، وتساهم بشكل لا يستهان به في توفير حاجيات البلاد من التمور والخضروات.
جدير بالتذكير أن مختبر أمراض النخيل والتقنيات الحيوية لزراعة الأنسجة، الذي أنشئ من أجل توفير كميات كبيرة من الفسائل الجيدة، لم ينتج ولا فسيلة واحدة منذ إنشائه، ولم يضف من جديد سوى توسيع دائرة الإنفاق العمومي دون مبرر.
أما فيما يخص تعهدات السيد الوزير سوكو، فهي بالتأكيد ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، وليست كافية بالمرة إلا أن تحقيقها سيشكل لبنة في صرح بناء الولاية، الذي يحتاج إلى إعادة البناء على أسس تسمح بتحقيق تنمية مستدامة.