المعدن الإخباري ـ احتضنت العاصمة الموريتانية نواكشوط قبل يومين النسخة الثانية من منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة، ومن أبرز التوصيات التي تضمنها البيان الختامي للمؤتمر “تأسيس مقر رئيسي للمؤتمر الأفريقي لتعزيز السلم يُعنى بتعزيز السلم وبث قيم التسامح والتعايش في إفريقيا ودول الساحل، في نواكشوط ليكون مقرا لانطلاق أعمال المؤتمر في مختلف دول القارة”.
وحددت للمقر أهداف من أهمها “تشجيع وتكثيف لقاء القيادات الدينية بغية إبراز أن الدين يبني الجسور بين الثقافات”، إضافة إلى “تكوين لجان تربوية لإعداد برامج تعليمية لمكافحة أفكار التطرف والغلو،
كما أوصى المؤتمر بتشكيل “لجنة للحوار والمصالحات والتنمية، تجمع بين الحكماء والوجهاء والعلماء في كل بلد، وتعنى بالوساطات والمصالحات لفض النزاعات ذات الأشكال والأنماط المختلفة”.
وتضمنت توصيات المؤتمر كذلك تنظيم “قوافل للسلام”، تتكون من “الأئمة والوجهاء من مختلف العرقيات والقبائل، في المناطق التي تعاني من الحروب الأهلية والصراعات الدموية، تهدف إلى العمل الميداني المؤثّر في نشر قيم التسامح والأخوة”.
كما أوصى المؤتمر بتأسيس جائزة من أجل تعزيز السلم في القارة الأفريقية، تكون “تشجيعا وتقديرا لمن لهم إسهامات بارزة في مجال السلم والمصالحات من علماء ومفكرين وشباب وصناع قرار في القارة الافريقية”.
وتضمنت التوصيات إطلاق “منصة إلكترونية تفاعلية لمتابعة التوصيات والاقتراحات وبلورة الأفكار”، وعقد شراكات بين المؤتمر الأفريقي لتعزيز السلم والمؤسسات الدينية والجامعية الحكومية والخاصة الإقليمية والدولية لتفعيل ومتابعة تنفيذ مضامين إعلان نواكشوط 2020.
وفي البيان الختامي شرح المشاركون في المؤتمر أن الأزمات التي تعاني منها أفريقيا لها “أبعاد سياسية وتنموية واجتماعية”، مشيرًين إلى أن حلول هذه الأزمات “لا بد أن تكون شاملة، غير أن البعد الذي يعالجه هذا الملتقى هو البعد الفكري، فإذا صلحت الأفكار صحّت الأعمال”.
وطلب المؤتمر من “العلماء والأكاديميين العارفين بمقاصد الشريعة، الالتفات إلى فقه السلم، ففيه إحياء للتوجيهات القرآنية والنبوية وضبط للمفاهيم الشرعية”.
انقسمت أراء المراقبين للشأن العام حول تقييم نتائج مؤتمر تعزيز السلم في إفريقيا، فمنهم من نظر إليه من الزاوية الفكرية البحتة، فرآه إيجابيا، ومنهم من نظر إليه من ناحية السياق السياسي وطبيعة الرعاة والاصطفاف في تمايزات الساحة الإسلامية العالمية، مثل رئيس حزب تواصل السابق جميل منصور فحكم عليه حكما سلبيا، حيث كتب في تدوينة له "لا أستطيع أن أخفي إعجابي بأفكار الحوار مع الغرب، وتغليب معاني السلم والوسطية والانفتاح، وسبيل التسامح في التعامل مع الآخر الديني والفكري والسياسي، ورفض مسالك التطرف والغلو والتشدد، كما لا أستطيع أن أخفي حساسيتي من الاصطفاف مع من يمول الحروب، ويندفع نحو الكيان الصهيوني معترفا داعما، ولا يدخر جهدا في محاصرة الوسطية الاسلامية المشهود لها بذلك".
وأردف قائلا "أجد صعوبة في فهم مؤتمرات للعلماء، لا تذكر فيها فلسطين ولا يندد باحتلالها، ولا تحضر فيها معاناة الأمة بكافة أبعادها، فالأمة تعاني من ثالوث الغزاة والغلاة والطغاة، وهي جهات تتخادم وإن ظهرت متخاصمة متدابرة."
جدير بالتذكير أن المقاربات المعتمدة حاليا في إطار تعزيز السلم ومكافحة التطرف ترتكز على ثلاثة أبعاد محورية، هي البعد الفكري والأمني والتنموي، حيث أثبتت الحلول الأمنية البحتة فشلها، خلال تاريخ الصراع مع التطرف.