تداول البوركينيين اسم العقيد “بول هنري داميبا”، على أنه يقود تمرد الجنود الغاضبين في بوركينا فاسو الذي بدأ فجر أمس الأحد، وانتهى مساء اليوم الاثنين بانقلاب عسكري أطاح بالرئيس روش مارك كابوري، فمن هو “داميبا” الذي أصبح يوصف بأنه “رجل بوركينا فاسو القوي”.
لم يكن البوركينيون يعرفون الكثير من المعلومات عن زعيمهم الجديد، لأنه لا يملك أي مسار سياسي، ولكنه معروف في صفوف الجيش، كواحد من جيل الضباط الذين خاضوا الحرب الطاحنة التي تدور رحاها منذ 2015 في أقصى شمالي البلاد ضد تنظيمي “داعش” و”القاعدة”.
تكوين عسكري
العقيد البالغ من العمر 41 عاما، بدأ تكوينه في الثانوية العسكرية بكاديوغو، التابعة لوزارة الدفاع البوركينية، وكان أحد أفراد الدفعة 92 التي تخرجت من الثانوية، قبل أن يتوجه نحو أكاديمية جورج ناموانو العسكرية في بوركينا فاسو، ليتخرج ضمن دفعة الضبط السابعة في الأكاديمية.
واصل “داميبا” تكوينه العسكري في فرنسا، وتحديدا في الأكاديمية العسكرية بباريس، ومن فرنسا عاد يحمل شهادة عليا في مكافحة الإجرام، وإفادة خبرة في استراتيجيات الدفاع والقيادة.
وبدأ مساره المهني في وحدات الحرس الرئاسي، خلال حكم الرئيس الأسبق بليز كومباوري، قبل أن يخرج منها إثر تمرد عسكري على سوء الأوضاع المعيشية الصعبة عام 2011، وهو التمرد الذي هز أركان حكم كومباوري ومهد الطريق أمام الإطاحة به بعد أربع سنوات (2015).
مواجهة الإرهاب
بعد مغادرته للحرس الرئاسي، قاد “داميبا” العديد من المناطق العسكرية في بوركينا فاسو، من أبرزها منطقة (أوهايا) التي ظل فيها حتى عام 2015، حين سافر إلى الخارج للتدريب والتكوين، فيما اعتبر آنذاك إبعادا له عن القيادة، عقب الإطاحة بالرئيس كومباوري.
بعد عودته إلى البلاد، تسلم “داميبا” قيادة المنطقة العسكرية في ولاية “الساحل”، أقصى شمال شرقي البلاد، حيث قاد في الفترة من 2015 وحتى 2019 الحرب على تنظيمي “داعش” و”القاعدة”، وهو ما مكنه من الاطلاع على خطورة الوضع في منطقة غرب أفريقيا.
في نهاية مهمته في الصفوف الأمامية، أصدر “داميبا” كتابا حمل عنوان: “جيوش غرب أفريقيا والإرهاب: الرد غير المناسب”، قدم فيه تحليلًا للوضع بشكل عام.
الكتاب الواقع في 160 صفحة، صدر شهر يونيو من العام الماضي (2021)، وتحدث فيه الضابط انطلاقا من تجربته الشخصية خلال الفترة من 2012 وحتى 2019، عن “الإرهاب” في غرب أفريقيا ومواجهة جيوش المنطقة له، كما ينتقد المقاربات الحالية لمواجهة هذا الخطر.
الترقية والانقلاب
في شهر ديسمبر الماضي قرر الرئيس روش مارك كابوري ترقية “داميبا” وتعيينه قائدا للمنطقة العسكرية الثالثة التي تتبع لها العاصمة واغادوغو، وتعد واحدة من أهم المناطق العسكرية في البلاد.
بعد أسابيع معدودة من هذه الترقية والتعيين، قاد “داميبا” انقلابا عسكريا ليطيح بالرئيس الذي بقيت من مأموريته الرئاسية أربع سنوات.
وهكذا يلتحق “داميبا” بجيل جديد من الضباط الشباب الطامحين للسلطة، على غرار المالي آسيمي غويتا والغيني مامادي دومبيا، الذين استغلوا الصعوبات التي تواجه بلادهم لقلب نظام الحكم.
القاسم المشترك بين هؤلاء الضباط الثلاثة هو خبرتهم في مواجهة “الإرهاب”، بل وقتالهم في الصفوف الأمامية، قبل أن يعودوا لخوض معارك سياسية غير مضمونة العواقب.
المصدر : صحراء ميديا