دردشة مع أصدقاء شباب/ محمد فال بلال

بمناسبة العام الجديد،
تشرفت قبل مدّة بإجراء "دردشة" مع جماعة من الأصدقاء الشباب في أحد مقاهي العاصمة. وقدمت - بطلب منهم -  عرضا موجزا عن رؤيتي لشباب اليوم مقارنة مع شباب الأمس، وخاصة مع شباب ما يعرف بالسبعينات (أي سبعينات القرن الماضي). ومن أهم ما جاء في العرض أن شبابنا اليوم يعاني من تراجع كبير في الطموحات والأهداف، ونقص في المرجعيات مقارنة مع جيل الأمس. 
كان الشباب في سبعينيات القرن الماضي - بصرف النظر عن الانتماء لهذه الحركة أو تلك - مفتونا بالرومانسية الثورية والمثالية والحماس والاندفاع. كان يحلم بالفضائل والشهامة والحرية والعدالة والمساواة. يجري وراء "قيم سامية" و"فضائل مفقودة".. ويبحث عن الوصول إليها بالفكر والعمل. باسم هذه القيم والفضائل أصبحوا ثوريين كادحين وبعثيين وناصريين ولاحقا إصلاحيين ليبراليين أو إسلاميين. الأصلُ في نضالهم أو منبعُه الحقيقي ليس الايديولوجيا كما يظن البعض، بل "رومانسية في القلب" وأحلامٌ وأوهامٌ جميلة. وحتى الأيديولوجيات بذاتها سواء كانت ماركسية أو ناصرية أو بعثية، فإن لها أصولا "رومانسية" عميقة. أعني بهذا الكلام أنّ القيم هي التي دفعت شباب السبعينيات إلى النضال والبحث عن الايديولوجيات، وليست الايديولوجيات هي التي دفعت الشباب إلى القيم والنضال. 
دعونا إذن من مقولة أن النضال انتهى مع انتهاء الايديولوجيا أو انتكاستها. ما يعوق النضال اليوم ليس غياب الأيديولوجيا، بل غياب "الرومانسية" و"الأحلام" واستعادة الذكريات المرتبطة بتواريخ الإقلاع والتحليق عاليا في سماء المجد بعيدا عن عالم الرتابة والملل والردى. ومما يدل على ذلك أننا اليوم نصادف في الواقع مناضلين مخلصين وأكفاء لا يعتنقون إيديولوجية بذاتها، ونقرأ لهم كتابات بالغة العمق والثورية في صفحات التواصل الاجتماعي.. لا أستطيع ذكرهم بالأسماء هنا، ولكني أرفع لهم من أعماق قلبي تحية إعجاب وحب وتقدير، متمنيا لهم التقدم والنجاح.
فإذَن، لا داعي لليأس والانكسار .. عليكم فقط أن تعمقوا التفكير في حياة كبار المناضلين والوطنيين من داخل الوطن وخارجه حتى تجدوا لأنفسكم مراجع جديدة وأيقونات جديدة. إن أخطر ما في القرن الواحد والعشرين هو الانقياد الأعمى والقبول بما يجري من "تسليع" الإنسان أو"تشييئه"، بمعنى تحويله إلى "سلعة" أو "شيء" فارغ لا يحلم ولا يطمح ولا يُحب ولا يُغنّي. مجرد كيان مادي مستهلِك ومستهلَك يتملكه اليأس والإحباط.. أخطر ما في الأمر هو غياب "روح" الشباب و"همّة" الشباب.
وكل عام وشبابنا بخير ..