د. محمد إسحاق الكنتي ـ يكتب: فوبيا الكنتي…

أثار مقال “وداعا للتهدئة” زوبعة في صفوف المعارضة، وتلك أولى حسناته. فندبت “منى”(سأتجنب الأسلوب القرآني في نسبة المرأة، صالحة وطالحة، إلى زوجها، تقديرا لمكانة اجتماعية وحفاظا على أواصر تاريخية، وأستخدم “منى” مجردة من أي إضافات، مع إدراكي أن الأماني بلا مساحيق، وأحلام الشيخوخة تضليل). تستهل منى تدوينها بعدم اليقين، ولا غرابة، وتجعل الحوار مرادفا للتشاور وفي ذلك جهل باللغة وتدليس في السياسة… صحيح أن الكنتي، مثل النظام الذي ينتمي إليه، ممتعض من الحوار إذ لا مسوغ له سياسيا أو اجتماعيا. وكانت مناسبة المقال محاولة المعارضة الافتيات علينا بزعمها في بيانها اتفاقنا معها على الحوار. وما تم الاتفاق عليه حقيقة هو التشاور. ثم تقفز إلى (ظهر الشور) الذي سبقتها إليه الأخبار.. “الكنتي أمين عام مساعد للحكومة وما يكتبه يجب أن يكون وجهة نظرها…” يعرف الموريتانيون الوظيفة التي أشغلها، تعلم منى، وما أوتيت… مثلنا جميعا، أن ما أكتبه لا يمثل وجهة نظر الحكومة، إذ أكتب على صفحتي الشخصية التي افتتحتها قبل أن أشغل أية وظيفة رسمية. ولم أطلع أبدا أيا من رؤسائي، بشكل مسبق، على ما أكتب، وربما امتعض بعضهم منه، لكنه يعلم حسن نيتي، وإنما الأعمال بالنيات. كما تعلم منى أن ما تنثره على صفحتها (مع الاحتفاظ بالفوارقn) لا يمثل وجهة نظر التكتل أيام كانت “صائته”، أحرى اليوم وهي تقف على تخومنا بين رجلين من تواصل، تدخل علينا برجلها اليمنى سائلة الله من فضله، وعلى التكتل باليسرى مستعيذة…

إن محاولة إرهاب الكنتي بوظيفته، وابتزاز الحكومة بها، عجز تردى فيه تواصل منذ 2012، ولن ينفع التكتل، ما بقي منه، في سباته اليوم. ومن أين لمعارضة سابقة، وموالية متربصة، تحديد من يمثل وجهة نظر الحكومة، وما ينبغي لها أن تفعل حيال موظفيها!!! ومن يدافع عن النظام سوى أقلامه في قمته وقاعدته. ولماذا الإصرار على إسكات الكنتي؟ لا تفسير لذلك سوى تأثير ما يكتب والعجز عن الرد عليه.

لعل من محاسن “المقال الناري” عدول منى عن لفظ الحوار إلى مصطلح التشاور خلافا لحزبها في بيانه رقم واحد، فهل تمثل وجهة نظره؟ ولن تنطلي علينا محاولة اختطاف التهدئة؛ فقد تفضل عليكم بها، وما صاحبها، فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني في بادرة وطنية دشن بها مأموريته علكم تنهضون بدوركم في أجواء السكينة، فكان أن طمع بعضكم بدخول الحكومة، وطالب البعض الآخر بالحوار، وصرح آخرون بتعبهم من المعارضة.. ولكم في خواتيم آل عمران، يا أيها الذين عارضوا، عزاء… نعم، أنا مع التهدئة وملتزم بها، لكن ذلك لن يمنعني من الرد على المعارضين حين يحاولون تضليل الرأي العام، وإلزام الأغلبية بما لم تلتزم به…

لم تكتف منى بجدارها، وإنما تسورت أحد جدراننا سائلة الغمز وهو من الهمز، والهمز صنو اللمز ولكل الويل… أما الذي لف قدمه في أسمال تعمية للأثر فلا يشغل الكنتي نفسه بأقدام سعت.. وما مشت في الظلم، ولن يعد أصحابها، يوم التغابن في الغر المحجلين… والتي علقت له متطيرة فطائرها معها.. والشؤم إن كان في ثلاث هي أولاهن…

سيظل الكنتي مدافعا عن نظام هو جزء منه، غاضا الطرف عن الذين في قلوبهم زيغ، مدركا أن النص المثير للجدل نص يستحق سهر القراء، بينما ينعم كاتبه بنوم هادئ في جو التهدئة الذي لن تعكره الأصوات النشاز.. وصلى الله على من نصر بالرعب، ولحَى الله الذين يحسبون كل صيحة عليهم…