انعقدت في مدينة مونبليي الفرنسية قمة "استثنائية" إفريقية فرنسية ناقشت آفاق الشراكة بين فرنسا والقارّة الإفريقية.
استثنائية؛ فهي قمّة بدون رؤساء، فالرئيس الوحيد الحاضر كان الرئيس الفرنسي الذي استمع للقارّة الإفريقية عبر أصوات رواد الأعمال والباحثين ونشطاء المجتمع المدني وكان مستوى النقاش بعيدا عن العبارات التي نسمعها خلال القمم "العادية".
التأمت القمّة يومي 7 و 8 أكتوبر وجمعت حوالي 3000 شخص ثلثهم من القارّة الإفريقية بمختلف مناطقها وناقشت في طاولات مستديرة عددا من القضايا المرتبطة بالشراكة بين فرنسا وإفريقيا.
لكنّ اللحظة الأهم في القمّة كانت جلسة الحوار بين الرئيس إيمانويل ماكرون و11 شخصا جاؤوا من دول مختلفة من القارّة وشهد الحوار جدلا قويّا بين ماكرون وضيوفه الأفارقة خاصّة عند الحديث عن قضايا ساخنة مثل الوجود العسكري الفرنسي في القارّة والاعتراف بجرائم الاستعمار الفرنسي ودعم الدكتاتوريات في إفريقيا والمساعدات.
ناشطة مالية انتقدت بشدّة حديث الرئيس الفرنسي في وقت سابق حيث قال إن استمرار الحكومة المالية متوقّف على الوجود العسكري الفرنسي، وقالت: "توقّفوا عن القول إنكم جئتم لمساعدة مالي، الإرهاب لا يهدد مالي وحدها بل يهددكم أنتم أيضا"، مضيفة "وجودكم في الساحل من أجل تصحيح الخطأ الذي ارتكبتموه في ليبيا وفي طريق تصحيح الخطأ ترتكبون أخطاء جديدة".
واعترف الرئيس الفرنسي بخطأ التدخل الفرنسي كما أبدى اتفاقه مع المتحدثة مؤكدا أن التدخل العسكري وحده لا يحل أي مشكلة.
متحدثة أخرى من بوركينافاسو تحدّثت عن عبثية "مساعدات التنمية" التي تقدم للقارّة الإفريقية منذ عقود دون أن تحدث أثرا داعية لشراكة تقوم على الوضوح والشفافية لا تلغى حق الأفارقة في التعبير عن أنفسهم ووضع العقول والموارد على الطاولة، على حد تعبيرها.
"هناك ماض مشترك لإفريقيا وفرنسا وهو ما يزال حاضرا ويثقل كواهلنا؛ لقد روى لنا أجدادنا قصص الاستعمار الفرنسي وحكى لنا آباؤنا عن "فرنسا إفريقيا"، ولا يمكن أن نبني المستقبل مع جراحات الماضي، لذا أدعوكم إلى طلب الصفح من القارّة الإفريقية وأن تتوقفوا عن التعاون مع دكتاتوري القارّة وسحب جنودكم وإغلاق قواعدكم العسكرية في إفريقيا"، كما قال أحد المتحدثين من السنغال.
الرئيس الفرنسي قال إنه لا يستخدم مصطلح "المساعدات من أجل التنمية" بل يستخدم مصطلح "الاستثمار التضامني"، ومواكبة المشاريع في القارّة وليس تنمية القارّة، ورفض اتهام فرنسا بأنها تدعم دكتاتوريي إفريقيا، فيما قال إنه "لا يؤمن بسياسة الصفح في العلاقات بين فرنسا وإفريقيا بل بسياسة الاعتراف"، على حد تعبيره.
وقد قرّر الرئيس الفرنسي في نهاية القمّة تأسيس صندوق لدعم الديمقراطية بقيمة 30 مليون يورو لمساعدة الفاعلين من أجل التغيير خصوصا في مجال الحكامة والديمقراطية.