عثمان ولد اكريفيت مستشار بلدي و إطار وسياسي وناشط في المجتمع المدني من مدينة أكجوجت، أجرت معه وكالة المعدن الإخباري هذه المقابلة الخاصة من أجل تسليط الضوء على الواقع التنموي للمدينة، له تاريخ نضالي وتثقيفي طويل في ولاية إينشيري بصفة عامة ومدينة أكجوجت بصفة خاصة، وقد أجاب على أسئلة المعدن الإخباري برحابة صدر وتميز في الأجوبة وموضوعية في الطرح، مما أكسب المقابلة طابع الجودة والمصداقية.
المعدن الإخباري: السيد عثمان، نريد منكم في البداية كلمة تعريفية لولاية إينشيري ؟
السيد عثمان : تقع ولاية إينشيري في الشمال الموريتاني، وعاصمتها أكجوجت، تتميز بتاريخها الثقافي والعلمي، ودورها الريادي في المقاومة، تمتد على مساحة تقدر ب 47 ألف كم مربع، وتضم مقاطعتين هما مقاطعة أكجوجت وبنشاب، بالإضافة إلى مركز امحيجرات الإداري، وتعتبر ولاية رعوية بامتياز، وكذلك ارتبطت ساكنتها كثيرا بالزراعة الموسمية من خلال ما يعرف بزراعة "لكراير" وهي كثيرة ولله الحمد، منها "لمدنه" و "دمان" و "أقسرمت" و "الويبده".
تمتاز كذلك بثروتها المعدنية الهائلة والمتعددة كالذهب والنحاس والجبس والحديد ... هذا فضلا عن المياه المعدنية عالية الجودة (بحيرة بنشاب) دون أن ننسى مقالع الحجارة متعددة الأنواع والخصائص، هذا وتمتاز الساكنة بالإنفتاح على الآخر نظرا لوعي المجتمع وتشبعه بثقافة التعايش السلمي.
المعدن الإخباري: كان من فضل الله على ولاية إينشيري أن حباها بوجود ثروات معدنية كثيرة وثمينة، ما هو انعكاس هذه الثروات على الولاية بصفة عامة وعلى مدينة أكجوجت بصفة خاصة ؟
السيد عثمان : رغم ارتباط حياة المدينة الاقتصادية بالنشاط المعدني، إلا أن المتتبع لواقعها المعيشي لا يجد للأسف انعكاسات إيجابية لا على مستوى الجهوي ولا المحلي، حيث أن المدينة لا تزال تفتقد أبسط مقومات الحياة.
المعدن الإخباري: السيد عثمان أنت معروف بحمل هم المواطن في أكجوجت، والدفاع عن قضاياه، ما هي أهم الصعوبات التي تعترض سبيلك أثناء تأديتك لخدماتك التطوعية ؟
السيد عثمان : بداية أنا لدي أيمان راسخ أن المدينة لها حق على أبنائها بصورة عامة، فما بالك بمن جبل على حمل الهم العام وحب الخير للناس، بدون تطبع ولا تصنع ، كذلك الهواية والممارسة للسياسة جعلني أتحمل المسؤولية وما يترتب عليها محاولة مني لرد الجميل للمدينة، بالفعل هذا العمل له إكراهات وصعوبات تعترض سبيل كل ممارس له، وهي صعوبات تعود في الأساس إلى عقلية المجتمع الذي مازال يخلط بين أداء المسؤول و انتمائه الاجتماعي، كذلك عدم تصديق المجتمع بوجود ناشط أو سياسي جاد، بل يذهب أحيانا إلى تسفيه ما نقوم به في سبيل تثقيف المجتمع وتغيير عقلياته.
المعدن الإخباري : السيد عثمان، كنت قد ترشحت لمنصب العمدة في الانتخابات الماضية، ما الذي منعك من النجاح ؟
السيد عثمان : بالفعل كشاب يطمح وفي وقت تنادي فيه الدولة بإشراك الشباب، دخلت المعترك الانتخابي متكلا على الله أولا وعلى رصيد من الممارسة السياسية والعمل النقابي، فنحن في المدينة كنا نستخدم منذ الطفولة كوقود في العمل السياسي من طرف رجال السياسة في المدينة، والذين عودونا على سلوك سياسي سلبي ولد لدي كغيري من الشباب فكرة الثورة على هذا النمط من السياسة النفعية، التي دأب أصحابها على التسلق على ظهور المواطنين للوصول إلى أهداف شخصية أنانية ضيقة.
أما موانع النجاح فهي كثيرة، وخاصة في المدن الداخلية، حيث الولاء القبلي هو سيد الموقف (مكاتب تصويت قبلية)، ضف إلى ذلك التزوير والمال السياسي، واستجلاب الناخبين من خارج الدوائر الانتخابية....
المعدن الإخباري : هل أثر فيكم سلبا عدم النجاح فيما يخص نشاطكم التطوعي ؟
السيد عثمان : لا شك أن الواقع غير مشجع البتة، ومليء بالمطبات والإكراهات، لكنني وكما سبق وأن ذكرت لكم أن هذه قناعة راسخة وبيعة مع الله، ولذا فنحن مستمرون على النهج ما بقينا على قيد الحياة.
المعدن الإخباري : السيد عثمان، ما هي الوسائل المتاحة لكم للقيام بنشاطكم التطوعي ؟
السيد عثمان : رغم ما تتطلبه هذه الخدمة من وسائل، إلا أن وسائل التواصل الاجتماعي وفرت الكثير من الوقت والجهد، حيث أصبحت للمدينة صفحات تهتم بها وتوفر للجميع فرصة إيصال رسائلهم إلى الرأي العام، كذلك تزايد ارتباط الساكنة بالشبكة عبر الهواتف النقالة، إذ تتصدر ساكنة أكجوجت المدن من حيث الولوج إلى شبكات التواصل الاجتماعي، وهو ما مكننا من إظهار مصداقية ونبل الرسالة التي نناضل من أجلها المتمثلة في حمل هم المواطن الضعيف وإيصال أناته.
المعدن الإخباري: السيد عثمان، كيف تقيمون درجة تعاطي المجتمع معكم ؟
السيد عثمان : فيما يخص ساكنة أكجوجت بالتحديد، رغم المعوقات التقليدية، كالنفوذ القبلي والطمع في المخزن، فإنني أعتبر أن الساكنة بدأت تتحرر وتقول لا في وقتها، وتاريخ أكجوجت الحديث شاهد على ما شهدته الساحة العمالية خلال السنوات الخمس الماضية من حراك نقابي لا بأس به رغم قمعه وإجهاضه من طرف المثبطين، كذلك سطرت ساكنة أكجوجت دروسا نضالية سلمية خلال أزمة المياه والكهرباء السنة الماضية، حيث خرجت الساكنة بجميع مكوناتها رفضا للواقع، هذا فضلا عن ثقافة صحافة المواطن التي أصبحت متجذرة في الساكنة، إذ لا يمر يوم دون أن تدون سيدة عن واقع معاش أو تنشر صورة قادرة على اختراق جميع الأبواب الموصدة أمام المواطن وتحريك الرأي العام.
المعدن الإخباري: تعيش موريتانيا حاليا على وقع ارتفاع الأسعار، والتحضير لتشاور وطني، وتعثر لملف الفساد، ما هو تعليقكم على هذه المواضيع وكيف تقيمون الوضع العام الوطني ؟
السيد عثمان : لا شك أنني من الداعمين للنظام الحالي، لكن ارتفاع الأسعار اليوم لا ينكره إلا مكابر، ونحن المواطنين العاديين هم أكثر من يكتوي بنار الأسعار، وتمنياتنا أن يتم التسريع في تنفيذ ما أعلن عنه الرئيس اليوم من آلية جديدة لاستراد مواد أساسية، أما عن التشاور الوطني والتحضير له، فإنني أعيب على ساستنا تركيز التشاور على الأمور السياسية، دون التشغيل والظروف المعيشية للمواطنين، وإن كانت المنظومة السياسية تعاني بعض الاختلالات، فنحن الشباب الطامحين للوصول إلى المناصب السياسية نشكو مثلا فرض الترشح عبر الأحزاب وما يشكله ذلك من كبح وتقييد للحريات والبرامج الانتخابية المتحررة، التي تصبح رهينة وبضاعة في يد رئيس هذا الحزب أو ذاك يسحبها متى شاء دون موافقة المترشح، الذي يخوض الحملة على جبهتين، جبهة البحث عن الأصوات وجبهة الخوف من سحب ترشحه، هناك نقطة أخرى تتعلق بمكاتب التصويت في المناطق المهجورة وكذلك قافلة حافلات المصوتين الوافدة يوم الاقتراع.
أما ملف الفساد أتمنى كذلك ألا تشل محركاته، وأن يشمل جميع من ثبت تورطهم من قريب أو بعيد في أي تلاعب بالمال العام، دون أن ننسى أننا نحن معاشر الفقراء الطامحين لغد أفضل لهذا البلد غير راضين البتة عن إعادة تدوير المفسدين وخاصة من ثبت فشلهم في المهام الموكلة إليهم.
أما عن الوضع العام للبلد فهو مقبول، رغم ما يتطلبه الأمر من زيادة في الحيطة والحذر اتجاه ظروف المواطن والعدالة الاجتماعية.
السيد عثمان شكرا جزيلا.
أجرى المقابلة عالي ولد أعليوت.