مقابلة خاصة مع الإطار عبدي ولد امحيحم عمدة بلدية المداح

في إطار سعيه الدائم إلى المساهمة في الرفع من مستوى التنمية في البلد، وخاصة البلديات الريفية، أجرى المعدن الإخباري مقابلة خاصة مع الإطار المتميز عمدة بلدية المداح، عبدي ولد امحيحم، لتسليط الضوء على ما تزخر به هذه البلدية الريفية الجميلة من ثروات زراعية و تنموية وسياحية، وسبر أغوار ما تواجهه من معوقات التنمية، والجهود المبذولة لحلها، وكذلك أهم الإنجازات التي تحققت في البلدية، في ظل مأمورية العمدة الشاب المتخصص في التنمية المحلية. 
- المعدن الإخباري :  بعد مرور ما يقارب نصف مأموريتكم، ما هو تقييمكم للمشاكل التي عانت وتعاني منها بلدية المداح ؟
- العمدة : أهلا و سهلا بكم، بداية أحييكم و أتمنى لكم ولموقعكم المحترم النجاح و التوفيق.
بلدية المداح على غرار باقي بلديات الولاية تعاني مشاكل عدة، أساسها نقص المياه و مشاكل التأثير السلبي للتغيرات المناخية كزحف الرمال و الجفاف  بكل تبعاته، كما تعاني البلدية من ضعف التدخل في المجال الزراعي و الثروة الحيوانية، و كذلك إهمال المقدرات السياحية، و أيضا هناك نقص في الخدمات الأساسية كالصحة و التعليم و المياه الصالحة للشرب، ضف إلى ذلك هشاشة التنظيمات الاجتماعية التي يعول عليها دائما في النهوض بالتنمية المحلية.
- المعدن الإخباري : ماهي أهم الحلول المقترحة لحل المشاكل التنموية ؟ 
- العمدة : نحن قدمنا و نقدم عدة مقترحات يمكن ان تساعد في حل هذه المشاكل وتساعد في تذليل الصعاب التنموية : 
- تكثيف و تركيز التدخل في مجال الزراعة في البلدية عبر استراتيجية تشاركية تنمي الواحة بشكل مستديم و تطور الموارد المحلية، و ذلك بالتركيز على ترشيد المياه و إقامة السدود و علاج أمراض النخيل و تحسين الانتاج و ضخ التمويلات الواحاتية التي تساهم في تطوير الانتاج، وانتهاج سياسة التنمية المكثفة للحيوانات التي تحل مشاكل المنمي و المزارع و تخلق فرص عمل موازية للطبقات النشطة. إن إنتاج النخيل في بلديتنا بالرغم من عدم رضانا  عنه إلا أنه يبقى أهم مصادر دخل الساكنة، و نوصي مصنع التمور بالمزيد من التعاون مع المزارعين و تحسين وتطوير منتجهم و الحفاظ عليه عبر تشكيل خلايا محلية تضمن استفادة المزارع و عدم خسارة المصنع.
تمتلك بلديتنا ثروة حيوانية هائلة ولدينا مراعي هامة و هذا أساسي جدا لتطوير هذا المجال و الاستفادة منه حيث يمكن للفاعلين في المجال التعاون مع المنمين.
- المعدن الإخباري : ما هي أهم الإنجازات التي تحققت فعلا منذ تسلمكم لمهامكم كعمدة للبلدية ؟ 

- العمدة : كما تعلمون المنتخب في الوسط الريفي أمام تحدي حقيقي، فليست لديه موارد إقتصادية تمكنه من حل بعض المشاكل التنموية المطروحة، و يواجه ضغط الساكنة من أجل حل مشاكلهم و هو طموح طبيعي لهؤلاء  في الحصول على سد كل النواقص، وهم يقتدون بالقاعدة الشهيرة "آباؤكم قادرون" إذ يظنون ان البلدية قادرة على حل كل المشاكل التنموية، و لكن البلدية مادامت ليست لديها موارد ذاتية يبقى هامش التحرك مقتصر على الاتصال بالجهات الرسمية و جهات التعاون.
وفي هذا المجال بالذات لم تقصر البلدية  لحظة في إيصال معاناة الساكنة و القرب منهم في كل محنهم و مشاغلهم، لم يزر البلدية اي وفد رسمي و لا جمعوي إلا وكنا مستقبلين له و مسهلين لمهمته.

و عملنا على كسر الحواجز الوهمية التي تخلقها الانقسامات السياسية، فتعاملنا على حد السواء مع كل الفاعلين في كل القرى بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية، و تفاعلنا مع كل الفاعلين شبابا و جمعويبن ....الخ.
في هذا السياق و بالتعاون مع القطاعات الحكومية سنذكر لكم بعض الانجازات التي تحققت: 

- شبكة مياه للشرب في عاصمة البلدية.
- شبكة مياه للشرب في قرية تنمرورت.
- و هناك شبكة مياه ستنجز قريبا في الجالة أكرارت لفرص.
- التدخلات الاستعجالية من خلال توزيعات مجانية و واصلة للمستفيد  (كميات الأسماك .. البذور .. المعدات الزراعية).
- انشاء مزارع نموذجية للنخيل سيبدأ تنفيذها في بعض واحات البلدية.
- إنشاء حواجز مائية في كل من: (الجاله .. الصفية .. لغويبة .. لكليتات .. المداح).

- 3 آبار ارتوازية سيبدأ حفرها حاليا في كل من تنمرورت، أيرش التلي ولبيطن.
- سيارة اسعاف في النقطة الصحية المركزية مكنت من تحسين الولوج للخدمات الصحية و استخدمها طبيب النقطة المركزية للتنقل اسبوعيا منذ وصولها نوفمبر 2020 بين القرى (أيرشات .. تنمرورت .. امزماز .. لمصيدي .. ازمولية).
- تسييج بعض الواحات و لكراير.
- تنظيم أسبوع صحي للعلاج المجاني بالتعاون مع جمعية فرنسية خلال شهر فبراير 2020 في عاصمة البلدية استفادت منه الساكنة.
- استفدنا من إعدادية في قرية ايرش التلي لأول مرة في تاريخ البلدية.
- تنظيم قافلة صحية بالتعاون مع وزارة الشؤون الاجتماعية و الاسرة و الطفل بداية شهر مارس 2020.
- دعم بعض التعاونيات من خلال تقديم قروض مسهلة.
و للأسف الشديد فقد أثرت جائحة كوفيد على الكثير من فرص التعاون بين البلدية وعدة جهات خارجية و لكن و الحمد لله بدأت الأمور تتحسن و سنواصل تلك الاتصالات حتى تثمر.
البلدية لديها كذلك عدة شركاء خارجيين سنذكر منهم الهيئات التي وصل التعاون معها مراحل متقدمة:
- فريق الاتصال الدولي في كندا، حيث وصلتنا من هذا الفريق دعوة لحضور مؤتمر دولي للتنمية المحلية كان مقررا مارس 2020 في مدينة مونتريال الكندية، و أيضا لقاء للتشاور نفس الشهر بمدينة كبك الكندية و عقدنا اجتماعا مع فريق من الخبراء في داكار يوم 23 دجمبر 2019 تحضيرا لمؤتمر مونتريال. 
- هيئة الباسك للآثار و التراث وهي هيئة اسبانية لها تدخل واسع في مجال البحوث الأثرية و التنمية المحلية، و بعث الينا رئيسها برسالة دعوة لحضور لقاء تشاوري حول التنمية المحلية بإقليم الباسك الاسباني فبراير 2020. 
- جمعية التنمية المحلية بأكليميم (بورسيس) وهي جمعية ناشطة في مجال التنمية المحلية حضرنا معها اجتماع  تنموي في اكليميم بالمملكة المغربية صيف 2019 و نحضر لشراكة اوسع.
هذه الدعوات لم نستطع تلبيتها نظرا لظروف الجائحة، لكن واصلنا الاتصالات بتلك الهيئات عبر تبادل المراسلات، و سيتم استئنافها قريبا ان شاء الله.

كما زارتنا في البلدية عدة مشاريع مهمة تابعة لهيئات دولية  تتدخل في مجال الزراعة، و البيئة و غيرها، و هم عاكفون على دراسة التدخل ان شاء الله، من بينهم مشروع الحفاظ على الوسط البيئي الذي يتدخل في آدرار لأول مرة و زارنا شهر مارس من هذه السنة حيث اوفد الينا فريق خبراء رفيع المستوى يتكون من 12 خبيرا و زاروا مناطق (المداح .. ايرش الكبلي .. كرارت لفرص).

- المعدن الإخباري : هل هناك معوقات تعترض سبيلكم في تحقيق أهدافكم التنموية ؟
- العمدة : أول معوق يعوق التنمية في البلدية هو معوق ضعف الامكانيات الذاتية للبلدية، وكذلك نقص التدخلات في بعض المجالات بالنسبة لقطاعات الدولة، ضف إلى ذلك معوق جوهري هو عشوائية التقري و صعوبة تهيئة المناخ المناسب لاستقطاب المهتمين الكبار بالتنمية المحلية.

- المعدن الإخباري : تعاني بلدية المداح كباقي البلديات في آدرار من الجفاف الشديد، الذي توالت سنواته على الولاية.
ماهي أهم الإنعكاسات السلبية للجفاف على بلدية المداح، وعلى ولاية آدرار بصفة عامة ؟
- العمدة : صحيح ولاية آدرار بل شبه المنطقة واجهت خلال السنوات الاخيرة موجة جفاف شديدة، أثرت على العمود الفقري لاقتصاد الولاية (النخيل و الزراعات الموازية له)، كما أثر هذا الجفاف على موارد الولاية.
و قد تأثرت بلدية المداح كباقي بلديات الولاية من هذا الجفاف حيث أثر بشكل واضح على النخيل فتراجع الانتاج و قضى هذا الجفاف على واحات عملاقة، و كذلك تقلصت المساحات الصالحة للزراعة المطرية من خلال زحف الرمال، و تأثرت ايضا الثروة الحيوانية و المراعي، كما جفت ينابيع المياه و نضبت المياه السطحية، و أيضا ادى زحف الرمال لإنسداد الطرق و صعوبة التنقل.

- المعدن الإخباري : ماهو مستوى التدخل الرسمي للتخفيف من آثار الجفاف ؟
- العمدة : هناك تدخلات مهمة أسهمت في التخفيف من مخلفات الجفاف وهي التي ذكرنا بعضها آنفا، لكنها لا تكفي و مازلنا نطالب بالمزيد من التدخل.

- المعدن الإخباري : تضررت واحات كثيرة في المداح وفي جميع أنحاء الولاية من العطش، جراء انخفاض مستوى المياه، وملوحة ماهو متوفر منها.
كيف تعامل المنتخبون في الولاية مع هذه الكارثة ؟
- العمدة : هذه الكارثة المخيفة ضربت المنطقة منذ سنوات، و طبعا تتزايد أضرارها سنة تلوى الأخرى، و تصدى لها المنتخبون على عدة مستويات، منها ماهو فردي كتحرك منتخب معين لطرح مشاكل بلدية أو دائرة انتخابية معينة، ومنها ماهو جماعي حيث التقينا كمنتخبي ولاية آدرار ببعض القطاعات الحكومية لنطرح مشكلة جوهرية تمس الولاية عامة، و فعلا مشكلة تأثر الواحات من الجفاف كانت موضوع جلسة نقاش مطولة بين منتخبي آدرار بشكل عام و معالي وزير التنمية الريفية قبل فصل الوزارتين، وناقشنا خلال تلك الجلسة كل الجوانب والحيثيات المتعلقة بهذا المعضل الحقيقي.

- المعدن الإخباري : تزخر بلدية المداح بكثير من "لكراير" والأودية الزراعية الخصبة، لكن الإستفادة منها تقتضي تشييد السدود لحصر المياه، من أجل استغلالها للأغراض الزراعية والتنموية.
هل عملتم على جلب السدود للبلدية ؟
العمدة : إيماننا راسخ بأنه لا تنمية دون ترشيد المياه و البحث عن مواردها و كذلك إقامة السدود، و كانت هذه المسألة محورية في كل نقاشاتنا و اقتراحاتنا للفاعلين التنمويين.

- المعدن الإخباري : تعاني بلدية المداح من العزلة، مما دفع سكانها إلى فتح طريق "التزيكي".
أين وصل العمل في هذه الطريق ؟

- العمدة : معبر التيزيكي طريق حيوي تنموي و مهم ليس فقط لبلدية المداح التي يربط بين شمالها و جنوبها، لكن بالنسبة ايضا لبلديتي معدن العرفان و انتيركنت، و هو معبر اقتصادي و أمني يجب على الجهات المعنية النظر إليه و فتحه.
حتى الآن و بجهود ذاتية تمت عملية التثبيت الميكانيكي و البيولوجي لمسافة 1.5 كلم بعرض 50 متر، و الحمد لله الأشجار نمت و المربعات لعبت دورا فوق المتوقع في تهذيب الكثبان وخلق وسط بيئي لنمو الأشجار والأعشاب، وكان المشكل المطروح هو صعوبة جلب المياه، إذ تستجلب في السيارات من مسافة 12 كلم، ولكن الجهود الأهلية مكنت من حشد مبالغ مالية لانجاز بئر ارتوازية و ستبدأ حاليا، و هناك فاعل خير إماراتي ينوي أيضا انشاء شبكة مياه في القرية المحاذية للمعبر "اكراع الشرفه" و مد الأنابيب إلى مكان الأشغال.
و نطالب الدولة من خلال وزارة المياه بالالتفات إلى هذا المعبر الذي وصلتهم رسالتنا بخصوصه يوم 23 فبراير 2021.

- المعدن الإخباري : تعيش الدولة والعالم أجمع تحت وطأة جائحة كورونا منذ ما يقارب السنتين.
كيف تعاملتم، في بلدية المداح، مع الوضح الصحي بالغ الخطورة ؟

العمدة : هذه الجائحة خيمت بظلالها على العالم كما قلتم، و في بلديتنا حاولنا أن نوفر في النقاط الصحية العاملة بالبلدية و سائل الفحص السريع، و أن نكون على القدر المطلوب من اليقظة و التعاطي اللائق مع الوضع الحرج، بالتعاون مع السلطات الصحية التي تسهر مشكورة على تتبع هذه الجائحة بل الوضع الصحي بشكل عام.

شكرا لكم السيد العمدة الموقر عبدي ولد امحيحم على رحابة الصدر وغزارة المعلومات، نرجو لكم التوفيق في تحقيق أحلامكم التنموية.