موريتانيا ... استراد الغذاء رغم خصوبة الأرض وغزارة المياه (خاص).

المعدن الإخباري: لا يختلف اثنان على ما تمثله الزراعة من أهمية بالغة في ديناميكية الدورة الاقتصادية، وفي الحياة الاجتماعية، كما لا يختلف اثنان كذلك على ما تزخر به موريتانيا من مقدرات زراعية هامة، نظرا لما حباها الله به من الأراضي الخصبة والمياه الغزيرة التي تمتد على أكثر من 700 كم على ضفة النهر، وكذلك الزراعة تحت النخيل، وزراعة "لكراير" التي تعد بالآلاف، ولما يمكن أن يلعبه قطاع الزراعة من أدوار أساسية في مكافحة الفقر وتحقيق الأمن الغذائي وامتصاص البطالة.

وقد وجه إلى قطاع الزراعة من التمويلات والمشاريع ما يضيق المقام عن ذكره منذ نشأة الدولة المركزية، غير أن هذه التمويلات الضخمة والبرامج والاستراتيجيات الكثيرة لم تحقق الأهداف المرجوة منها بسبب الفساد الذي ينخر جسم القطاع منذ نشأته.

وكانت جائحة كورونا أظهرت مدى هشاشة السياسة الزراعية في موريتانيا، حيث بدى واضحا عجز الدولة عن توفير حاجيات المواطنين من الحبوب والخضروات، عندما هز كوفيد19 كيان العالم، وشل نشاط الإنتاج، وأصبحت المحاصيل الزراعية للدول المصدرة لا تكاد تغطي حاجيات مواطنيها، ولاح خوف المجاعة في آفاق الدول التي تعتمد على غيرها في إنتاج غذائها.

كما ان أزمة معبر الكركارات، أماطت اللثام عنما كانت تتبجح به الحكومات الموريتانية المتعاقبة، من سياسات طموحة، في المجال الزراعي، حيث أصبحت الأسرة الموريتانية عاجزة عن تحضير لقمة من الأرز، بسبب توقف الشاحنات المغربية المحملة بالخضروات، في المعبر المذكور.

ويرى كثيرون أن فصل قطاع الزراعة عن التنمية الحيوانية، وتعيين وزير وأمين عام من أهل الاختصاص على رأس الوزارة، ولأول مرة في تاريخها، قد يكون له انعكاس إيجابي على سياسة ومردودية القطاع.

وفي مقالة له تم تداولها على نطاق واسع، أكد وزير الزراعة الجديد، سيدنا ولد أحمد أعلي، أنه تم تحديد 5726 هكتارا للاستصلاح، اكتمل استصلاح أزيد من ألفي هكتار منها وسيتم استغلالها في الحملة الزراعية الحالية، كما أضاف أن القطاع واكب كذلك بعض المبادرات الخصوصية، حيث تم استصلاح واستغلال قرابة ألف وخمسمائة هكتارعلى قناة آفطوط الساحلي، ولفت الوزير إلى أنه تمشيا مع برنامج تعهداتي، من المقرر في الموسم المقبل استصلاح 5575 هكتارا جديدة لصالح الفئات الأكثر هشاشة.

غير أن المساحات المزمع استصلاحها تعتبر قليلة، مقارنة بمساحة الأراضي الموريتانية الصالحة للزراعة، والتي تقدر ب 500 ألف هكتار، حسب تقرير للجزيرة بتاريخ 2019، حيث لم يستصلح منها سوى 46 هكتارا إلى حد هذا التاريخ.

ورغم حاجة البلاد الماسة إلى الرفع من مستوى الإنتاج، فإن بعض المنتجين يشكو عدم الدعم والمؤازرة من طرف الدولة، حيث تعرض مزارعو ولاية آدرار إلى خسارة آلاف الأطنان من الخضروات، وخاصة الكاروت، بسبب عدم التسويق، رغم صعوبة الإنتاج، التي يعترضها الجفاف وضعف الدعم الزراعي.
وحسب أهل الاختصاص والتجربة في المجال الزراعي، فإنه من أجل نهضة زراعية، تؤمن الغذاء وتوفر فرص العمل وتخلق القيمة المضافة الضرورية لتنمية الاقتصاد الوطني، لا بد من العمل على محاور أساسية، كان وزير الزراعة تطرق لها في مقالته الأخيرة :

- حماية وتسيير وترشيد الموارد الوطنية المتاحة من مياه وأراض زراعية مع التركيز على صيانة المحاور والقنوات المائية والاستصلاحات الزراعية والسدود وغيرها من البنى التحتية الزراعية.

 - زيادة إجمالي الإنتاج الزراعي الوطني بصورة عامة وفقا لمتطلبات السوق الوطنية خاصة في محاصيل الخضروات والأرز والحبوب التقليدية والتمور وذلك من خلال التوسع في المساحات الزراعية مع التركيز على تحسين الإنتاجية عن طريق إدخال المكننة الزراعية والزراعة المحمية وإقامة البنى التحتية اللازمة للحفظ والتخزين.

- العمل على زيادة فرص تمكين وإدماج العمالة الوطنية في القطاع مع التركيز على التدريب المهني وبرامج التوعية والإرشاد واتباع الأساليب العلمية في العمليات الزراعية.

- السهر على الوقاية من الآفات الزراعية ومكافحتها مع التقيد الصارم بحماية البيئة الزراعية عن طريق عقلنة استخدام الاسمدة الكيماوية والتقيد الصارم بمحاذير استخدام المبيدات الكيماوية.