المعدن الإخباري: لا يلجأ الإنسان في العادة إلى مغادرة وطنه وذويه، إلا بدافع الخوف او الرجاء، وفي هذا الإطار، تتنزل ظاهرة هجرة الشباب، هروبا مما يعيشه من شظف العيش في دوله الأصلية، وبحثا عن حياة أفضل في دول المهجر. وشهدت موريتانيا خلال العقود الماضية، تدفقا كبيرا للمهاجرين غير الشرعيين، حيث تحولت إلى أحد معابر المهاجرين الطامحين للوصول إلى أوروبا عبر الشواطئ الأفريقية المحاذية لسواحل إسبانيا.
وتعد مدينة انواذيبو الساحلية شمال موريتانيا، الواقعة على ضفاف المحيط الأطلسي، مركز انطلاق الكثير من رحلات الهجرة للأفارقة الحالمين والمتعطشين للعيش في المدن الأوربية، نظرا لقربها من جزز الكناري الإسبانية.
ويمكن تلخيص أهم أسباب الهجرة على النحو التالي:
- ارتفاع نسبة البطالة وعدم وجود فرص عمل كافية في البلد، لهذا يبحث الإنسان خارج بلده عن عمل مناسب خاصة بعد رؤيته لانتعاش حياة الأسر المهاجرة.
- تعرض البلد لازمة اقتصادية أو سياسية
- حدوث حروب أو كوارث طبيعية (زلزال، بركان، إعصار) أو صراعات تجبر الشخص على الهجرة سواء بالهجرة الشرعية أو غير الشرعية، حيث يهرب الشخص منها بحثا عن مكان أكثر استقرارا.
- انخفاض نسبة الأجور التي يتقاضاها العاملون.
- عدم تقديم البلد لكفاءة الأشخاص لهذا يبحثون عن بلد آخر يقدر كفاءاتهم ومهاراتهم.
- انخفاض المستوى الاقتصادي وارتفاع الكثافة السكانية التي تؤدي للبطالة.
- البحث عن بلد آخر يستطيع فيه الشخص ممارسة حريته والتعبير عن رأيه.
- البحث عن وظيفة تناسب قدرات ومجال دراسة الشخص.
- الدراسة والاستقرار هناك وأحيانا الزواج من نفس المنطقة وتأسيس عائلة فيها.
وأمام صعوبة الهجرة الشرعية، يلجأ كثيرون إلى المغامرة بالنفس عبر الهجرة غير الشرعية، التي تعرض المهاجرين إلى الكثير من السلبيات، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر:
- فقدان الهوية خاصة لو كان البلد الذي هاجر إليه الشخص مختلفا في الديانة والتقاليد والعادات.
- الشعور بالبعد عن الموطن الأصلي والغربي.
- فقدان الدولة التي يهاجر منها الأشخاص الكثير من العمالة.
- فقدان المال في محاولة الهجرة غير الشرعية.
- احتمالية التعرض للاعتقال، السجن والترحيل.
- التعرض لعمليات النصب أثناء محاولة الهجرة.
- الإصابة باضطرابات اجتماعية ونفسية.
- التعرض للإصابة أثناء الهجرة أو الغرق في البحر.
غير أنه رغم ما ذكر من سلبيات، لا يمنع من وجود إيجابيات للهجرة إذا ما كانت شرعية
- المساهمة في الاقتصاد الوطني، من خلال التحويلات المالية
- تحسين المستوى الثقافي والاجتماعي وتنمية المجتمعات الفقيرة.
- جعل حياة الشخص أفضل من الناحية الاقتصادية والمعيشية، كما يمكن للشخص أن يتعلم مهارات مختلفة ولغة جديدة.
- التعرف على أصدقاء وأشخاص جدد من ثقافة مختلفة وتبادل التقاليد والعادات والثقافة معهم.
- الحصول على جنسية البلاد الأخرى وبالتالي الاستمتاع بالخدمات التعليمية والصحية والاجتماعية المتوفرة هناك.
- تقليل نسبة الفقر والبطالة في البلد الطارد.
ومن أجل محاربة الهجرة غير الشرعية، لا بد من محاربة أسبابها، من خلال مراجعة السياسات الاقتصادية والاجتماعية في البلدان الإفريقية، حتى تلبي حاجيات الشباب الطامح إلى غد أفضل، كذلك تسهيل إجراءات الهجرة لتمكين المحقين من الحصول على التأشرة دون اللجوء على الطرق الملتوية.
وتجدر الإشارة إلى أن حوادث الوفاة في عرض البحر تتكرر بصفة شبه يومية، حيث أصدرت المنظمة الدولية والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بيانا مشتركا بشأن حادثة وفاة عشرات الأشخاص في عرض البحر قبالة السواحل الموريتانية من المهاجرين السريين أثناء محاولتهم الوصول إلى أوروبا عن طريق البحر.
وجاء في بيان المنظمتين "إن وفاة 47 شخصًا كانوا على متن قارب متجه إلى جزر الكناري من ساحل المحيط الأطلسي لشمال إفريقيا يستذكر الحاجة الملحة لزيادة الدعم لمنع مزيد من المآسي في البحر."
وأضاف البيان "كان هذا القارب قد غادر في 3 أغسطس وكان على متنه 54 شخصًا، بينهم ثلاثة أطفال. وبعد يومين في البحر؛ تسبب عطل في المحرك في تقطع السبل بالركاب دون ماء أو طعام لمدة أسبوعين تقريبًا. وعندما اكتشف خفر السواحل الموريتاني القارب في 16 أغسطس كان سبعة أشخاص فقط ما زالوا على قيد الحياة من ركّاب القارب."
المنظمتان الدوليتان قالتا إن هذا الحادث "يأتي بعد 10 أيام فقط من مقتل 40 شخصًا آخر على نفس الطريق، وتتزايد الوفيات مع انطلاق المزيد والمزيد من القوارب إلى جزر الكناري؛ فمنذ يناير من هذا العام توفي أكثر من 350 شخصًا بينما وصل أكثر من 8000 لاجئ ومهاجر إلى إسبانيا عبر هذا الطريق البحري."
وتابع البيان "منذ أكتوبر 2020 تم إنقاذ أكثر من 1200 شخص قبالة الساحل الموريتاني وتلقوا المساعدة الطبية كجزء من برنامج الإسعافات الأولية الذي وضعته المنظمة الدولية للهجرة".
وناشدت المنظمة الدولية للهجرة ومفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين حشد المزيد من الدعم من أجل التمكن من مواصلة تدخلاتهما الحيوية، لا سيما فيما يتعلق بالفرز والمساعدة الطبية والنفسية الاجتماعية.