السماح بازدواجية الجنسية أداة لمساعدة جالياتنا ولتعزيز استفادة البلد من مساهماتها

أحالت الحكومة مؤخرا مشروع القانون المتضمن تعديل بعض أحكام قانون مدونة الجنسية الموريتانية إلى الجمعية الوطنية، و ذلك ضمن المسطرة القانونية التي يجب أن يمر بها مشروع القانون قبل اعتماده كقانون تسير مقتضياته على أرض الواقع.

وقد برمج مؤتمر الرؤساء بالجمعية الوطنية خلال اجتماعه قبل الأخير جلسة علنية ستعقد يوم الثلاثاء المقبل للمصادقة على مشروع القانون المذكور الذي لقي ترحيبا كبيرا، خصوصا من طرف مختلف أفراد جالياتنا في الخارج، لكونه يسمح بازدواجية الجنسية.

و قد عقد اتحاد مكاتب الجاليات الموريتانية في العالم في اليوم الموالي لصدور مشروع القانون مؤتمرا صحفيا أعلن فيه عن غبطته وسروره بهذا القرار الذي سيسمح للموريتانيين بازدواجية الجنسية.

وثمن الاتحاد في المؤتمر الصحفي هذا الإنجاز الهام وغير المسبوق، لما له من نتائج إيجابية على المغتربين من حيث ربطهم بوطنهم واستفادتهم منه من جهة، ومن جهة أخرى استفادة الوطن من تلك الكوادر المتخصصة في شتى المجالات مما يرجع بالنفع على البلاد عامة وعلى المهاجرين بصفة خاصة.

وقد أوضح مدير الدراسات والتشريع والتعاون بوزارة العدل، السيد هارون ولد عمار ولد إديقبي، في مقابلة مع الوكالة الموريتانية للأنباء، أن ظاهرة ازدواجية الجنسية التي هي امتلاك شخص واحد في نفس الوقت لجنسيتين أو أكثر، انتشرت بسبب تكاثف التبادلات الاقتصادية والهجرة التي شهدتها مختلف الدول، و التي تزايدت بسبب الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحرية تنقل الأشخاص والممتلكات.

و أضاف أن الأجانب الذين أصبحوا يشكلون قيمة مضافة في نمو البلدان التي يقيمون فيها يرغبون في الحصول على جنسيتها مع رغبتهم في الاحتفاظ بجنسية بلدهم الأصلي.

و قال إن القانون الصادر بتاريخ 12 يونيو 1961، المعدل بالقانون الصادر11 فبراير 2010، المتضمن قانون الجنسية الموريتانية لا يسمح بازدواجية الجنسية، حيث ينص على أن الموريتاني البالغ الذي يكتسب جنسية أجنبية يفقد جنسيته الموريتانية تلقائيا إذا لم يتم الترخيص له بالاحتفاظ بها بموجب مرسوم.

و أشار إلى أن مقتضيات هذا القانون تلحق ضررا بكثير من المواطنين الذين نجحوا وكانت لهم إسهامات متميزة في الاندماج كمواطنين في بلدان المهجر، كما أنها كذلك تحرم الوطن من الاستفادة من مساهمات هؤلاء الاقتصادية والثقافية، مذكرا بأن مشروع القانون الجديد جاء من أجل تجاوز هذه الاختلالات عبر السماح بازدواجية الجنسية.

وقال إن مشروع القانون الحالي يهدف إلى تعديل المادة 30 جديدة لتنص على حالات محددة لفقدان الجنسية والمادة (31)جديدة التي تكرس من الآن فصاعدا السماح بازدواجية الجنسية بصورة تلقائية مع مراعاة بعض حالات التعارض المحددة في هذا المشروع، مشيرا إلى أن الوظائف والمهام التي تتعارض مع أزدواجية الجنسية هي وظيفة رئيس الجمهورية، وأعضاء الحكومة ومن في رتبهم، والبرلمانيين، وقادة الأجهزة العسكرية والأمنية.

و أبرز أن مشروع القانون يبقي الموريتاني الذي يكتسب جنسية أخرى متمتعا بالحقوق المتعلقة بالمواطنة الموريتانية وملتزما بالواجبات الناجمة عنها، وعلى خضوعه لأحكام الأهلية والمتابعة المنصوص عليها في القانون الموريتاني.

و بدوره أكد رئيس اتحاد مكاتب الجاليات الموريتانية في العالم، النائب المختار ولد أخليفه، أن مشروع القانون مثل مطلبا و حلما للمغتربين و هدفا أساسيا لهم كانوا ينتظرون تحقيقه منذ فترة طويلة، مشيرا إلى أن مشروع القانون ستكون له نتائج إيجابية كبيرة على كل من البلد بصفة عامة و المغتربين بصفة خاصة.

وقال إن انتخاب فخامة رئيس الجمهورية، السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، فتح بارقة أمل لدى المغتربين، مشيرا إلى أن المطلب الرئيسي الذي قدمته الجاليات لفخامة رئيس الجمهورية في لقاءاته بهم خلال زياراته الخارجية هو إصدار قانون يسمح بازدواجية الجنسية، حيث تعهد فخامته بحل هذا المشكل الذي أرق جالياتنا في الخارج عقودا من الزمن .

أما السيد المختار ولد أنداري، الذي يحمل الجنسية الأمريكية، فقد شكر فخامة رئيس الجمهورية، السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، على وفائه بتعهده للجالية الموريتانية في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث تعهد لهم خلال اجتماعه بهم في مدينة نيويورك يوم 23 سبتمبر سنة 2019، بالسماح بازدواجية الجنسية، مما يسمح للجاليات الموريتانية في مختلف بلدان العالم بالمساهمة في بناء وطنهم باعتبارهم مواطنين كغيرهم من أبناء الوطن.

و ثمن مشروع القانون الذي سيسمح للبلاد من الاستفادة من خبرات وكفاءات عالية يتمتع بها أفراد جالياتنا، مشيرا إلى أن الجالية الموريتانية في الدول الغربية تبلغ حوالي 250 ألف شخص من بينهم أبناء صغار يمارسون دراساتهم ومؤهلون لأن تكون لديهم مساهمات بارزة في مختلف المجالات في بلدان المهجر مما يعزز مشاركتهم في بناء بلادنا التي هي بحاجة لكافة أبنائها.

وطالب بإدخال بعض التعديلات على مشروع القانون ليتمكن أفراد الجاليات الذين يحملون جنسية ثانية من المشاركة في الترشح لعضوية البرلمان، وليكونوا أيضا بإمكانهم الاستفادة من التعيينات كأعضاء في الحكومة.

تقرير: الحسن ولد موسى

نقلا عن الوكالة الموريتانية للأنباء