صادق مجلس الوزراء في اجتماعه الأخير على مشروع قانون يتعلق بحماية الرموز الوطنية وتجريم المساس بهيبة الدولة وبشرف المواطن، وحسب البيان الصادر عن مجلس الوزراء، فإن مشروع القانون الجديد جاء استجابة لما تتطلبه المصلحة العامة من سد النقص الملاحظ في المنظومة الجنائية للبلد " يأتي مشروع القانون الحالي لسد الثغرات التي تم رصدها في منظومتنا الجنائية بغية تمكين الممارسين قضاة ومحققين من آليات قانونية واضحة لفرض سيادة القانون واحترام قيم الجمهورية
ويتعلق الأمر بتحديد الأفعال التي تشكل اعتداء على الرموز الوطنية والمساس بهيبة الدولة وشرف المواطن، وكذا العقوبات المناسبة لمواجهة ظاهرة الاعتداء على ثوابت المجتمع ونشر الكراهية بين فئاته"
المعدن الإخباري حاول جس نبض الشارع الموريتاني من خلال استطلاع آراء بعض المواطنين حول أهمية القانون الجديد، وقد عبر أغلب من تمت محاورتهم عن تثمينهم لهذا القانون، مؤكدين أنه جاء في الوقت المناسب، من أجل رد الاعتبار للرموز الوطنية، وتجسيد هيبة الدولة في أذهان المواطنين، ولصيانة شرف وكرامة المواطن، في وجه موجة الاستغلال السلبي للثورة التكنلوجية، من خلال استخدام الأنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي لأغراض تحريضية أو أهداف منافية لقيمنا الفاضلة ولتعاليم ديننا الحنيف، الذي من مبادئه العادلة حفظ النفس والعرض والمال.
ويرى كثير من المواطنين أن الحرية المطلقة في المجتمعات المتخلفة تعتبر مفسدة مطلقة "حرية مطلقة مفسدة مطلقة" وعليه فلابد من سن قوانين رادعة لكل من تسول له نفس المساس بالرموز الوطنية وأمن وسيادة الدولة ووحدتها الوطنية، وزعزعة السكينة العامة واللحمة الاجتماعية.
هناك أيضا من يثمن القانون الجديد مع إبداء بعض التحفظات، تتعلق أساسا بالانعكاسات السبية المحتملة للقانون على حرية التعبير في البلد، ويحتج من يذهب في هذا الاتجاه، بأنهم يخشون أن يصبح هذا القانون سيفا مشهورا في وجه أهل القضايا العادلة وأهل المظالم للتضييق عليهم ومصادرة آرائهم، الشيء الذي لا ينبغي أن يقع في دولة تريد لنفسها أن تكون دولة قانون وعدل ومساواة.
احتدم النقاش مؤخرا في موريتانيا حول هذه الرمزية في شقها المتعلق بعدم مساءلة رئيس الجمهورية عن أفعاله أثناء ممارسته للسلطة الواردة في المادة 93 من الدستور، مما جعل البعض يدعو صراحة لتعطيها، ويرى المحامي محمد المامي مولاي اعلي أنه كان من الأولى تعديل هذه المادة، وأنه كان شخصيا يتوقع ذلك " كنت أتوقع أن يتم تعديل هذه المادة خصوصا أن الشق المتعلق بتجريم المساس برئيس الجمهورية بهذه الصفة الذي كان معاقبا بالمادة 35 من الأمر القانوني رقم 017/2006 المتعلق بحرية الصحافة الصادر 12 يوليو 2006، وكانت عقوبته غرامة من 200 ألف إلى مليونين، قد ألغي بالقانون رقم 054/2011 بتاريخ 24 نوفمبر 2011، وبموجبه أصبح تجريح الرئيس كتجريح الخواص، غير أنني تفاجأت يوم أمس بالمصادقة على مشروع قانون متعلق بحماية الرموز الوطنية، يعيدنا بشأن حماية رمزية رئيس الجمهورية للوضعية الأولى أو أشد، ما يعني أنه لا نية لتعديل المادة 93 من الدستور، رغم أن التعديل أولى وأنجع وأبقى من التعطيل"
لا تعارض بين الآراء المطالبة بعدم المساس بالحريات الفردية والجماعية والآراء القائلة بضبط هذه الحريات، حيث أن الحرية لها حدود، والقانون هو الذي يحدد تلك الحدود ويسهر على عدم تجاوزها.