رغم أن زيارة رئيس الجمهورية لولاية اترارزة، زيارة اقتصادية، لتدشين بعض المشاريع التنموية، إلا أن النخب السياسية جعلت منها فرصة لإثبات الولاء واستعراض القدرات المادية والاجتماعية والسياسية، بدعوى إنجاح زيارة الرئيس، بيد أن زيارة الرئيس لا تستمد نجاحها من تظاهرات طائفية كرنفالية، دأب السياسيون الموريتانيون على تنظيمها كلما قرر رئيس الدولة القيام بزيارة لنقطة من أرض الوطن، حتى ولو كانت تلك الزيارة لا تكتسي طابعا سياسيا.
زيارة الرئيس تستمد قوة نجاحها من أهمية أهدافها ومدى ملامستهم لحاجات المواطن المقيم في المنطقة المزورة، والسلطات الإدارية والأمنية والمنتخبون، كفيلون بتأمين نجاح الجانب التنظيمي للزيارة، أما الحفاوة فيكفي منها ما هو عفوي، بارز بصدق بدافع الفرحة عن قاطني تلك الربوع المستفيدة، والمبالغ المالية الطائلة التي يتم إنفاقها على الصراع السياسي، كان من الأفضل استغلالها فيما ينفع الناس ويمكث في الأرض، وترك الزيارة تمر بشكل طبيعي، يجعل الرئيس يطلع عن قرب على حقيقة السكان، ويتيح للسكان فرصة لقاء الرئيس دون وسيط للتعبير له عن مشاكلهم و عن مدى استجابة المشاريع المدشنة لحل بعض هذه المشاكل.
الغريب في الأمر أن الطبقة السياسية الموالية، تتخلى عن صفتها الحزبية في هذه الزيارات الرئاسية، وترتدي العباءة الاجتماعية والطائفية من أجل إثبات الذات أمام القيادة الوطنية التي طالما تغنت بالاتحاد خلفها خدمة للمصلحة الوطنية.
أهيب برئيس الجمهورية أن يعطي تعليماته لهؤلاء الداعمين الأفاضل أن يتركوا هذه الممارسات الضارة بهم أولا، وبمصلحة المواطنين ثانية، وألا يولوا ظهورهم لمهامهم الإدارية، التي تتعطل في كثير من المرافق العمومية تزامنا مع كل زيارة رئاسية، وإن كان لابد من استقبال الرئيس مؤازرة للأهل وتعبيرا عن الفرحة برئيس الجمهورية، فليكن ذلك بالمعروف، وبالتحاد الصفوف، والإبتعاد عن الخلاف المفسد للزيارة وللمصلحة العامة والخاصة.
عالي ولد اعليوت