البرلمان يناقش تراجعا عن التعريب في التعليم والمعارضة مُحرَجة

فيما يتوقع أن يصادق البرلمان الموريتاني اليوم على مشروع قانون تقدمت به الحكومة ويقضى بالتراجع عن التعريب في التعليم واصلت جبهة أحزاب المعارضة الصمت “في انتظار دراسة الوضع واتخاذ موقف محدد”، وسط شعور بالحرج ومخاوف من بروز تناقضاتها الداخلية بشأن المسألة الثقافية، لكن سياسيا زنجيا بارزا قال لـ “الحياة” إنه على السلطات ألا تعلق الكثير من الأمل على انقسام المعارضة.

وييير مشروع القانون استياء واسعا في صفوف البرلمان الذي يسيطر عليه الحزب الجمهوري الديمقراطي الحاكم. وقال برلمانيون اتصلت بهم “الحياة” إنهم سيصوتون ضده لكن أثبتت التجارب في الماضي أنه يتم التغلب على مواقف من هذا النوع بضغوط “واتصالات فردية”. لذا لا يتوقع المراقبون رفضا من قبل البرلمان “وإذا هو نجح في إدخال تعديلات اعتبر ذلك جهدا كبيرا”.

وبموجب مشروع القانون هذا تفرض اللغة الفرنسية في السنة الثانية الابتدائية، وتدرس كل المواد العلمية بهذه اللغة في كل مراحل التعليم. وبذا تتراجع الحكومة الموريتانية عن التعريب الجاري تنفيذه بالتدريج منذ السبعينات، والذي اكتمل في بداية التسعينات مع استثناء فصول لأبناء الزنوج الذين كان لهم حق الاختيار بين العربية والفرنسية.

ويعيد الإصلاح موريتانيا إلى ما يشبه الوضع في الستينات وبداية السبعينات مع استثناء أنه كان يحق لمن شاء الانتساب إلى فصول معربة أو معاهد عربية كانت قائمة ولم تعد متاحة الآن. فالنظام التعليمي موحد. ولعل التوحيد هو النقطة الوحيدة التي تنال إجماع الموريتانيين الآن. وباستثناء حزب “التحالف الشعبي التقدمي” الناصري المعارض الذي رفض القانون الجديد في بيان أصدره على الفور، واصلت أحزاب المعارضة الأخرى الصمت. وهناك شعور في أوساط الجبهة المعارضة بتأثير المفاجأة، ومخاوف من اتخاذ مواقف قد تقود إلى انقسام الأحزاب الخمسة المنضوية تحت لواء جبهة متحدة تخوض صراعا سياسيا مع السلطات.

وتتناقض مواقف الأحزاب بشأن المسألة الثقافية، ففي حين يطالب البعض بالازدواجية ، يرى البعض أن الفرنسية لغة أجنبية ينبغي أن تبقى في حدود استخدام أي لغة أجنبية أخرى.

ولعل أصعب المواقف هو الذي وقع فيه زعيم المعارضة الموريتانية أحمد ولد داداه الذي هو الخصم الرئيس للرئيس معاوية ولد يسد أحمد الطايع، وسيكون من الصعب على ولد داداه رفض المشروع أو دعمه، لئلا يثير حفيظة حلفائه من الأحزاب الأخرى، ومؤيديه داخل حزبه هو نفسه.

ونفى مصدر مأذون في حزب “اتحاد القوى الديمقراطية” الذي يقوده أحمد ولد داداه ما نشرته “الحياة” في عدد سابق من أن ولد داداه “كان يدعو خلال الأعوام الماضية إلى وقف التعريب العشوائي”. وقال المصدر إن “موقفنا ظل الدعوة إلى ترسيخ مكاسب اللغة العربية باعتبارها لغة رسمية وتطوير اللغات الوطنية الأخرى ( الأفريقية) من أجل ترسيخها”، أما الفرنسية “فكنا ندعو إلى تعليمها باعتبارها لغة انفتاح”. وقال المصدر إن حوار ولد داداه مع الأطراف الأخرى في التجمع الذي أصبح حزب “اتحاد القوى الديمقراطية” تعرقل كثيرا بسبب الموضوع الثقافي “فقد طال النقاش حول المسألة وتوصلنا إلى الموقف المشار إليه”.

ومهما كان الحال فإن القانون الجديد أربك ولد داداه وغيره من زعماء المعارضة. وقال مصدر مأذون في حزب ولد داداه لـ “الحياة”: “نحن ندرس الوضع وسنعلن موقفنا في الوقت المناسب ولا يمكن التسرع في اتخاذ موقف من موضوع مصيري كهذا”..

ويبدو حزب “العمل من أجل التغيير” الذي يقوده الوزير السابق مسعود ولد بلخير موضوعيا الحزب الذي يفترض أن يحتفى بالعودة إلى الفرنسية إذ إن أنصاره من الزنوج هم الطرف الثاني في الصراع في البلد.

 

وقال ناطق باسم الحزب لـ “الحياة” : نحن ندرس الموقف وسنعلن موقفا واضحا بعد اكتمال الدراسة”. وذكر المصدر بموقف الحزب “الداعي إلى ترسيم العربية وترسيم اللغات الوطنية الأخرى، ودمجها في التعليم”، لكن المصدر أشار إلى أنه “في انتظار تطوير اللغات الزنجية نريد ازدواجية فرانكو-عربية في مرحلة انتقالية”. ورفض الناطق القول ما إذا كان الإصلاح يستجيب مطلب “الازدواجية – فرانكو – عربية”.